اعلم أنه قد
تقدّم في التذييل الثاني من شرح الخطبة السادسة و الثلاثين كيفية قتال الخوارج و
جملة من احتجاجاته 7 معهم، و هذا الكلام أيضا قاله للخوارج احتجاجا
عليهم (و قد خرج إلى معسكرهم) أى محلّ عسكرهم و محطه (و هم
مقيمون على انكار الحكومة) عليه (فقال 7) لهم (أكلّكم
شهد معنا صفّين) و حضرها (فقالوا منّا من شهد و منّا من لم يشهد قال 7 فامتازوا) أى تفرّدوا (فرقتين فليكن من شهد صفّين فرقة و من لم يشهدها
فرقة حتى اكلّم كلّا منكم بكلامه) الذى يليق به و فيه اسكاته و رفع شبهته (و نادى
الناس فقال امسكوا عن الكلام و انصتوا لقولي و اقبلوا بأفئدتكم إلىّ) و تدبّروا
فيما أقول (فمن نشدناه) أى سألنا منه (شهادة فليقل
بعلمه فيها) و لا يكتمها.
(ثمّ
كلّمهم 7 بكلام طويل، منه ألم تقولوا) أى قد قلتم (عند رفع
المصاحف) بتدليس ابن العاص اللّعين (حيلة و غيلة و مكرا و خديعة) هؤلاء (اخواننا) في الدّين و
الاسلام (و أهل دعوتنا) أى دعاهم رسول اللَّه 6 إلى الاسلام فأجابوه (استقالونا و استراحوا إلى كتاب اللَّه
سبحانه) أى طلبوا منا الاقالة و رفع اليد عمّا كنّا عليه من المحاربة و
القتال، و سألوا الراحة بالرّجوع إلى كتاب اللَّه و العمل بما يقتضيه (فالرأى
القبول عنهم) لملتمسهم (و التنفيس عنهم) لكربتهم.
(فقلت لكم) تنبيها على
حيلتهم و ارشادا إلى خديعتهم و ايقاظا لكم من نوم الغفلة و الجهالة (هذا) أى رفعهم
المصاحف (أمر ظاهره ايمان) لتسليمهم ظاهرا الرجوع إلى الكتاب و ايهامهم
العمل بما فيه من الأحكام (و باطنه عدوان) إذ كان مقصودهم به
الحيلة و الظلم و الغلبة و الخديعة (و أوّله رحمة) منكم لهم (و آخره
ندامة) عليكم منهم.
(فأقيموا
على شأنكم) و ما أنتم فيه من القتال و براز الأبطال كنايه (و الزموا
طريقتكم و عضّوا على الجهاد بنواجذكم) و هو كناية عن المبالغة في الثبات عليه