الظفر و الغلبة
(و إن اعوججتم) أى رفع منكم بعض الاستواء، و يسير من العصيان
بقلّة الجدّ و فتور العزم و الهمة (قوّمتكم) بالتأديب و الارشاد و التحريص و التشجيع و النّصح و الموعظة (و إن أبيتم) و عصيتم (تداركتكم) إمّا بالاستنجاد بغيركم من
أهل خراسان و الحجاز و غيرهم من القبايل ممّن كان من شيعته، أو ببعضكم على بعض، و
إمّا بما يراه في ذلك الوقت من المصلحة التي تحكم بها الحال الحاضرة (لكانت) العقدة
(الوثقى) و الخصلة المحكمة
(و لكن بمن) كنت استعين و أنتصر
(و إلى من) كنت أركن و أعتمد.
و بذلك يعلم
أنه لو حملهم على المكروه كان منهم الاباء و الامتناع، و التمرّد و العصيان، و هو
ثالث الوجوه المتصوّرة من حالهم و إنه حينئذ لا يمكن له تداركهم لأنّ الاستنجاد من
أهل البلاد النائية من الشّيعة لم يكن فيه ثمرة، لأنهم إلى أن يصلوا إليه كانت
الحرب قد وضعت أوزارها، و كان العدوّ قد بلغ غرضه.
و الاستنجاد
ببعضهم على بعض كان من قبيل ناقش الشوكة بالشوكة كما يشير إليه قوله استعاره (اريد أن
اداوى بكم و أنتم دائى) استعار لفظ الداء و الدواء لفساد الامور و صلاحها، أى
اريد أن اصلح بكم الامور و اعالجها، و أنتم المفسدون لها تمثيل (كناقش
الشوكة بالشوكة و هو يعلم أنّ ضلعها) و هواها (معها) و هو مثل
يضرب لمن يستعان به على خصم و كان ميله و هواه مع الخصم و أصله أنّ الشوكة: إذا
نشبت في عضو من أعضائك من يدك أو رجلك أو غيرهما، فانها لا يمكن استخراجها بشوكة
اخرى مثلها، فانّ الاولى كما انكسرت في عضوك و بقيت في لحمك فكذلك الثانية تنكسر،
لأنّ ميلها معها، و المقصود أنّ طباع بعضكم يشبه طباع بعض و يميل إليها كما يميل
الشوكة إلى مثلها.
ثمّ اشتكى
إلى اللَّه سبحانه و قال استعاره (اللّهم قد ملت أطباء هذا الدّاء الدّوى) الشديد أراد
به داء الجهالة التي كانت في أصحابه و ما هم عليه من مخالفته و عصيانه، و مرض
الحيرة و الغفلة عن ادراك وجوه المصلحة، و استعار لفظ الأطباء لنفسه و أعوانه، أو
له و لساير من دعا الى اللَّه سبحانه من الأنبياء و الرسل و الأوصياء و الخلفاء،
فانّهم الأطباء