كتاب اللَّه و إلّا قتلناك كما قتلنا ابن
عفان، أجابهم إليه كرها لا رغبة، و جبرا لا اختيارا.
ثمّ لما كتب
صحيفة الصلح على ما تقدّم تفصيلها، و قرءها أشعث بن قيس على صفوف أهل العراق،
فنادى القوم لا حكم إلّا اللَّه لا لك يا علي و لا لمعاوية، و قد كنا زللنا و
أخطأنا حين رضينا بالحكمين، قد بان لنا خطائنا فرجعنا إلى اللَّه و تبنا فارجع أنت
و تب إلى اللَّه كما تبنا، فقال عليّ 7 و يحكم أبعد الرّضا و الميثاق و
العهد نرجع؟ أ ليس اللَّه قد قال: أوفوا بالعقود، فأبى عليّ 7 أن يرجع،
و أبت الخوارج إلّا تضليل الحكم و الطعن فيه.
فمن ذلك نشأت
الشبهة لهم، و اعترضوا عليه 7 و قال له 7 بعضهم:
(نهيتنا عن
الحكومة ثمّ أمرتنا بها فما ندرى أىّ الأمرين أرشد) محصّله أنه إن كانت
في الحكومة مصلحة فما معنى النهى عنها أوّلا، و إن لم تكن فيها مصلحة
فما معنى الأمر بها ثانيا، فلا بدّ من أن يكون أحد الأمرين خطاء.
و لما كان
هذا الاعتراض غير وارد عليه 7، و كان الخطاء منهم لا منه، تغيّر 7 (فصفق احدى يديه على الاخرى) فعل المتغيّر
المغضب، (ثمّ قال هذا جزاء من ترك العقدة) يجوز أن يكون المشار
إليه بهذا الجهل و الحيرة التي يدلّ عليها قولهم فما ندرى أىّ الأمرين
أرشد، فيكون ترك العقدة منهم لا منه 7، و المعنى أنّ هذا
التحيّر جزائكم حيث تركتم العقده و الرأى الأصوب المقتضي للثبات على الحرب و
البقاء على القتال، و أصررتم علي اجابة أصحاب معاوية إلى المحاكمة، فوقعتم في
التّيه و الضلال، و يجوز ابقائه على ظاهره و هو الألصق بقوله بعد ذلك: لو حملتكم
على المكروه لكانت الوثقى، فالمراد أنّ هذا جزائي حين تركت العقدة، أى هذا
الاعتراض مما يترتب على ترك العقدة.
فان قلت:
فعلى هذا يتّجه اعتراضهم عليه حيث ترك العقدة.
قلت: لا،
لأنّ تركه لها كان اضطرارا لا اختيارا، و لا عن فساد رأى كما يدلّ عليه صريح قوله
في الخطبة الخامسة و الثلاثين: و قد كنت أمرتكم في هذه