الدثرة، و التنبيه على علو مقامه و رفعة
مكانه و الغرض به التعريض على المخاطبين بغفلتهم عن سموّ شأنه و جهالتهم بقدره و
عدم معرفتهم به حقّ المعرفة ليرقدوا بذلك عن نوم الغفلة و الجهالة و يعرفوه حقّ
المعرفة، و يعظموا قدره و منزلته و يقيموا بوظايف طاعته على ما يليق به سلام اللّه
عليه و آله و أشار 7 أوّلا إلى فضيلته و شجاعته و كمال مهابته بقوله
استعاره (أما بعد أيّها النّاس فأنا فقأت عين
الفتنة) أى شققتها و قلعتها بشحمها أو أدخلت الاصبع
فيها، و هو استعارة لكسر ثورانها و إسكان هيجانها، و المراد بالفتنة إمّا خصوص
فتنة أهل البصرة و النهروان كما وقع الاشارة إليه منه 7 في رواية
إبراهيم الثقفي و سليم ابن قيس الهلالي الآتية في ذيل شرح الفصل الثاني، أو عموم
فتن المنافقين و الكافرين و المصدر المحلّى باللام و إن لم يكن مفيدا للعموم بحسب
الوضع اللّغوى حسبما قرّر في الاصول، إلّا أنّه لا ينافي إفادته له بقرينة الحال.
فقد ظهر و
اتّضح لنا ظهور الشمس في رابعة النهار أنه 7 ردّ نخوة بأو الكفّار و
اعتلائهم يوم بدر، و شموخ انفهم و سموّ غلوائهم يوم أحد، و كسر صولتهم يوم خيبر و
فقأ أعينهم بقتل ابن عبدود يوم الأحزاب، و هكذا ساير الحروب و الخطوب فقد علمنا
علما يقينا أنه لو لا سيفه 7 لما قام للاسلام عمود، و لا اخضرّ للايمان
عود و لذلك قدّم المسند إليه على المسند ليفيد التخصيص، و جعل المسند جملة للتقوى
كما قرّر في علم المعان، و أكده بقوله (و لم يكن ليجترئ عليها أحد غيرى) و تصديق ذلك
أمّا في وقعة الجمل و النهروان فلأنّ الناس كانوا لا يتجاسرون على قتال أهل القبلة
و يخافون من ذلك الاثم و العصيان، و كانوا حسن الظنّ بطلحة و الزبير مع كون زوجة
رسول اللّه 6 فيهم و أهل النّهروان كانوا أهل قرآن و
صلاة و اجتهاد و عبادة، و كان النّاس يهابون قتالهم و يقولون كيف نقاتل من يصلّى
كصلاتنا و يؤذّن كأذاننا و يصوم كصومنا على ما عرفت في شرح الخطبة السادسة و
الثلاثين و كذا التبس الأمر في وقعة صفين و لذلك أمسك مثل خزيمة بن ثابت الانصاري