و الدّيباجة و ما يحدثه من الروعة و
الرهبة و المخافة و الخشية، حتى لو تليت على زنديق ملحد و مصمم على اعتقاد نفى
البعث و النشور، لهدت قواه و رعبت قلبه، و أصعقت على نفسه و زلزلت اعتقاده.
فجزى اللّه
قائلها عن الاسلام أفضل ما جزى به وليا من أوليائه، فما أبلغ نصرته له تارة بيده و
سيفه، و تارة بلسانه و نطقه، و تارة بقلبه و فكره.
إن قيل جهاد
و حرب فهو سيّد المجاهدين و المحاربين، و إن قيل وعظ و تذكير فهو أبلغ الواعظين و
المذكرين، و إن قيل فقه و تفسير فهو رئيس الفقهاء و المفسرين و إن قيل عدل و توحيد
فهو إمام أهل العدل و الموحّدين، و ليس للّه بمستنكر أن يجمع العالم في واحد.
ثمّ نعود إلى
الشرح فنقول: افتتح 7 كلامه بالتوحيد و التنزيه و الاجلال و ذكر نعوت
الجمال و الجلال، و عقّبه بالموعظة و التذكير و الانذار و التحذير فقال مجاز (كلّ شيء
خاشع له) أو خاضع له كما في بعض النسخ، أى متذلّل معترف بالفاقة إليه سبحانه
و الحاجة الى تخليقه و تكوينه، و إن من شيء إلّا يسبّح بحمده.
فالمراد
بالخشوع الخضوع التكويني و الافتقار الذاتي اللّازم المهية الممكن مثل نفس
الامكان، هذا.
و قال الشارح
البحراني (ره): الخشوع هنا مراد بحسب الاشتراك اللفظى إذ الخشوع من الناس يعود إلى
تطامنهم و خضوعهم للّه، و من الملائكة دؤبهم في عبادتهم ملاحظة لعظمته سبحانه و من
ساير الممكنات انفعالها عن قدرته و خضوعها في رقّ الامكان و الحاجة اليه، و
المشترك و إن كان لا يستعمل في جميع مفهوماته حقيقة فقد بينّا أنّه يجوز استعماله
مجازا فيها بحسب القرينة، و هى هنا اضافته لكلّ شيء، أو لأنه في قوّة المتعدّد
كقوله تعالي: إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ فكانه قال: الملك خاشع له و
البشر خاشع له، انتهى.
أقول: و أنت
خبير بما فيه أمّا أوّلا فلأنّ كونه من المشتركات اللّفظية ممنوع، بل المستفاد من
كلام أكثر