قوله 7 ما اعظم ما نرى، تأكيد للتعجّب، فانّ ما في ما أعظم تعجّبة أيضا و ماء
الثانية موصولة، و قد طال التشاجر بين علماء الأدبيّة في ماء التّعجب و صيغة أفعل
بعدها بعد اتفاقهم على اسميتها و كونها مبتدأ، فالمحكىّ عن سيبويه و جمهور
البصرييّن أنّها نكرة تامّة بمعنى شيء و ابتدء بها على نكارتها لتضمّنها معنى
التّعجب.
قال الرّضيّ
(ره): فانّ التعجّب كما ذكرنا إنّما يكون فيما يجهل سببه فالتنكير يناسب معنى
التعجّب، فكان معنى ما أحسن زيدا، في الأصل شيء من الأشياء لا أعرفه جعل زيدا
حسنا، ثمّ انتقل إلى إنشاء التعجّب و انمحى عنه معنى الجعل فجاز استعماله في
التعجّب عن شيء يستحيل كونه جعل جاعل، نحو ما أقدر اللّه و ما أعلمه، و ذلك لأنه
اقتصر من اللفظ على ثمرته و هى التعجّب من الشيء سواء كان مجعولا و له سبب أولا،
فما مبتداء و افعل فعل ماض خبره و فيه ضمير راجع إلى ما هو فاعله و المنصوب بعده
مفعوله، فعلى ذلك يكون فتحة أفعل فتحة بناء فاعراب ما أحسن زيدا مثل اعراب زيد ضرب
عمرا حرفا بحرف.[1] و قال
الأخفش في أحد قوله إنّ ما موصولة بمعنى الذي و ما بعدها من الجملة الفعلية صلة
لها لا محلّ لها من الاعراب، أو نكرة موصوفة بمعنى شيء و ما بعدها صفة لها،
فمحلّها رفع تبعا لمحلّ ما، و على التقديرين فالخبر محذوف وجوبا أى الذي أحسن زيدا
أو شيء أحسن زيدا موجود أو شيء عظيم.
و استبعدوه
بأنّ فيه التزام وجوب حذف الخبر مع عدم ما يسدّ مسدّه، و بأنه ليس فيه معنى
الابهام اللّايق بالتعجّب، و أيضا إذا تضمّن الكلام افهاما و ابهاما فالمعتاد
تقدّم الابهام، و فيما ذكره يكون الأمر بخلاف ذلك إذ فيه تقديم الافهام بالصّلة أو
الصفة و تأخير الابهام بالتزام حذف الخبر.
[1] و مذهب السيبويه ضعيف من وجه و هو أنّ استعمال ماء نكرة غير
موصوفة نادر نحو فنعماهى على قول و لم يسمع مع ذلك مبتداء، شرح الرضى