و بملاحظة كونهم من الأرذال ليس لهم ذكر
بين الناس و لالهم شهرة و لا يعتنى بقتلهم كما لا يعتنى بثفالة القدر و لا يلتفت
إليها.
و كذلك
الكلام في قوله (أو نفاضة كنفاضة العكم) و المراد بها ما يبقي في العدل بعد
التخلية من غبار أو بقية زاد لا يعبأ بها فينتفض (تعر ككم عرك
الأديم) أى تدلككم و تحككم كما يدلك الجلد المدبوغ و يحكّ، و أراد به تغليب
الفتن لهم و تذلّلهم بها (و تدوسكم دوس الحصيد) أى تدقكم دقّ الزرع
المحصود المقطوع و أشار به إلى منتهى ذلّتهم و اهانتهم.
(و تستخلص
المؤمن) أى تشخصه لنفسه (من بينكم) مثل (استخلاص
الطير الحبّة البطينة) السمينة (من بين هزيل الحبّ) و الغرض به أنها شخص
المؤمن بالقتل و الأذى و ايقاع المكروه به و تستخلصه من بين ساير الناس بشدّة
النكاية و الأذيّة.
ثمّ استفهام
تقريعى استفهم 7 عنهم على سبيل التقريع لهم و التوبيخ ببقائهم على
ضلالتهم و قال (اين تذهب بكم المذاهب) أى الطرق المنحرفة عن الحقّ، و المراد
بها العقائد الفاسدة، و اسناد الاذهاب إليها على المجاز مبالغة (و تتيه
بكم الغياهب) أى تجعلكم ظلمات الجهالات تائها متحيّرا في بوادي الضّلال (و تخدعكم
الكواذب) أى تمكر بكم الامنيات الكاذبة و الأوهام الباطلة التي لا أصل لها.
(من أين
تؤتون) أى من أىّ جهة و طريق يأتيكم من يضلّكم من الشّياطين أو تأتيكم تلك
الأمراض المزمنة (و أنّى تؤفكون) أى كيف[1]
تصرفون عن قصد
[1] هذه التفاسير مبنية على الاختلاف فى معنى أنّى الاستفهامية
فقيل انها بمعنى كيف و قيل بمعنى اين و قيل بمعنى متى و الى كلّ ذهب فريق فى قوله
تعالى: نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم و بذلك اختلف آراء الفقهاء فى مسئلة
جواز الوطى فى الدبر، منه.