السبيل أو أين تقلبون و تذهبون، أو متى يكون
انصرافكم عن الغفلة و الجهالة.
و قوله (فلكلّ
أجل كتاب و لكلّ غيبة إياب) يحتمل أن يكون منقطعا عمّا قبله و يكون بينه
و بين ما قبله ما يربطه به فأسقط السيد (ره) على مجرى عادته و أن يكون متّصلا به،
فانه لما استفهم عن تيههم و انخداعهم و تقلّبهم توبيخا و تقريعا و تنبيها على
غفلتهم عن الحقّ أردفه بذلك توكيدا لما أراد و أشار به الى أنهم ليسوا بمهملين، بل
كلّ ما عملوه في زمان الغفلة محفوظ مكتوب و أنهم ليسوا في الدّنيا بباقين، و سوف
يخرجون منها و ينزعون فيكون تهديدا لهم بالاشارة إلى قرب الموت و أنهم بمعرض أن يأخذهم
على غفلتهم، و المعنى أنه لكلّ أمد و وقت حكم مكتوب على العباد، و لكلّ غيبة إياب
و رجوع.
ثمّ أكّده
ثانيا بقوله (فاستمعوا من ربّانيّكم) اى اصغوا الحكم و المواعظ و ما ينجيكم
من الرّدى و يدلّكم على الرّشاد من المتألّه العارف باللّه المبتغى بعلمه وجه
اللّه سبحانه، و أراد به نفسه الشريف (و أحضروه قلوبكم) أراد إقبالهم بكلّهم
إليه لا الغيبة بالقلوب و الحضور بالأبدان فقط (و استيقظوا ان
هتف بكم) أى استيقظوا من نوم الغفلة إن ناداكم و تنبّهوا من رقدة الضلّة إن
دعاكم (و ليصدق رائد أهله) أى وظيفة الرائد أن يصدق، و في المثل: الرائد
لا يكذب أهله.
و لعلّ
المراد بالرائد نفسه أى وظيفتي الصدق فيما اخبركم به ممّا تردون عليه من
الامور المستقبلة في الدّنيا و الآخرة، كما أنّ وظيفتكم التوجّه و الاستماع و
احضار القلب (و ليجمع شمله) أى ما تشتّت من أمره، و المراد به الأفكار و
العزائم أى يجب علىّ نصحكم و تذكيركم بقلب فارغ من الخطرات و الوساوس، و التوجّه
إلى هدايتكم و إرشادكم باقبال تامّ، و يجوز أن يراد بالشّمل من تفرّق من القوم في
فيافي الضّلالة (و ليحضر ذهنه) فيما يقول و يتفوّه به.
(فلقد فلق) الرائد (لكم
الأمر فلق الخرزة) أى أوضح لكم أمر الدّين و ما جهلتموه من أحكام الشرع المبين، أو أمر
ما يحدث من الفتن ايضاحا تامّا، فأظهر لكم باطن الأمر كما يرى باطن الخرزة بعد
شقّها.