و قد تقدّم في شرح الخطبة الرابعة و
الستين في بيان معنى قوله: و كلّ ظاهر غيره غير باطن «آه» تحقيق أنه تعالى أظهر
الأشياء و أجليها و أنّ منتهى ظهوره صار سببا لخفائه فليراجع ثمّة، فانّ هناك
فوايد جمّة.
(و الظّاهر
لقلوبهم بحجّته) أى الواضح وجوده لقلوب الّذين أنكروه بأوهامهم و ألسنتهم بقيام
حجّته الباهرة، و أدلّته القاهرة عليهم بذلك، فانّه سبحانه لم يحجبهم عن واجب
معرفته، و قد مرّ تحقيقه في شرح قوله: فهو الّذي تشهد له أعلام الوجود على اقرار
قلب ذي الجحود، في الخطبة التاسعة و الأربعين.
(خلق الخلق
من غير رويّة) و فكر في كيفيّة خلقه لأنّ الفكر عبارة عن حركة القوّة المفكّرة في
تحصيل المطالب من المبادي و انتقالها منها و اليها، و هى محال عليه سبحانه.
أما أولا
فلما أشار اليه بقوله: (اذ كانت الرّويات لا تليق الّا بذوى الضّماير) و القلوب و
المشاعر البدنيّة (و ليس بذى ضمير في نفسه) فليس له سبحانه روية و أما ثانيا
فلأنّ فايدة الروية هو تحصيل المطالب المجهولة من المعلومات و الجهل محال على
اللّه سبحانه، و قد تقدّم ذلك في شرح الفصل الثالث من خطبة الاشباح و هى الخطبة
التّسعون.
(خرق علمه
باطن غيب السّترات) أى نفذ علمه في كلّ مستتر و غايب بحيث لا يحجبه ستر و لا
يستره حجاب (و أحاط بغموض عقايد السّريرات) أى بمادقّ و خفى من
عقايد أسرار القلوب كما قال تعالى:
وَ إِنْ
تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى و قد مرّ
بيان علمه بالسّرائر في شرح الخطبة الخامسة و الثمانين
و أما
الثاني منها
و هو الذي في ذكر
النّبيّ 6 و تبجيله و تعظيمه فهو قوله استعاره (اختاره
من شجرة الأنبياء) استعار 7 لفظة الشجرة لصنف الأنبياء باعتبار أنّ هذا
الصنف له فروع و أثمار و أوراق كالشجرة، ففروعه أشخاص الأنبياء و آحادهم