و كيف كان فالاشارة بالواعظ المتّعظ إلى
نفسه الشريف و مثله قوله: استعاره محسوس بالمحسوس- استعاره مرشحة- استعاره تخييلية (و امتاحوا من صفوعين قدر وقّت من الكدر)
فانه استعار صفو العين للعلوم الحقة و هو من استعارة المحسوس للمعقول و الجامع أنّ
العلم به حياة للأرواح كما أنّ صفو العين به حياة الأبدان و ذكر الترويق و
الامتياح ترشيح للاستعارة أو الترويق تخييل و الامتياح ترشيح على ما مرّ و أراد
الترويق من الكدر خلوّ تلك العلوم من شوائب الأوهام و بالامتياح أخذها من منبعها و
هو أمر لهم باقتباس العلوم الشّرعية و المعارف الحقة منه 7.
و لما أمر
بذلك أردفه بالنهى عن الركون إلى الجهالة فقال 7 (عباد اللّه لا
تركنوا إلى جهالتكم) أى لا تميلوا إليها (و لا تنقادوا إلى
أهوائكم) أى الأهواء الباطلة المخرجة عن كرائم الأخلاق إلى رذائلها و عن حقّ
المصالح إلى باطلها (فانّ النازل بهذا المنزل).
يحتمل أن
يكون المراد به من ادّعى الخلافة من غير استحقاق لها الذي وضع نفسه في مقام و نزل
بمنزل ليس له أهليّة به و يشعر بذلك ما سيأتي من نهيه 7 عن الشكاية إلى
من لا يقدر على ازالة الشكوى و ما ذكر بعده من أوصاف الامام الحقّ 7.
إلّا أنّ الأظهر
بقرينة ما سبق أنّ المقصود به من نزل منزل الركون إلى الجهالة و مقام الانقياد إلى
الأهواء، فانه لما نهى عن الركون و الانقياد علّله بذلك و أردفه به، يعني أنّ من
ركن إلى جهالته و انقاد إلى هواه و استبدّ برأيه و استغنى به عن امامه فقد أسّس
بنيان دينه على باطل لاقوام له و لاثبات.
و مثله مثل (نازل
بشفا جرف هار) مشرف على السقوط و الانهدام و هو اقتباس من قوله سبحانه: