من الخصم إذ همّتهم القتل لا السّلب كما
قال الشاعر:
هم الأسود أسود الغاب همّتها
يوم الكريهة في المسلوب لا السّلب
و اختلف في
تلك الفتنة و أهلها: فقال الشّارح المعتزلي: إشارة إلى ملحمة تجرى فى آخر الزمان و
لم يأت بعد، و استقربه المحدّث المجلسى ; في البحار، و قال الشارح البحراني:
اشارة إلى فتنة صاحب الزنج لا تضافهم بشدّة الكلب و قلّة السّلب إذ لم يكونوا
أصحاب حرب و عدّة و خيل كما يعرف ذلك من قصتهم المشهورة و سيذكر طرف منها في شرح
بعض الخطب الآتية و هى الخطبة المأة و الثامنة و العشرون.
و استبعده في
البحار بأنّ مجاهديهم لم يكونوا على الأوصاف التي أشار إليها بقوله (يجاهدهم
في اللّه قوم أذلّة عند المتكبّرين في الأرض مجهولون و في السّماء معروفون) إلّا أن
يقال: لشقاوة الطّرف الآخر أمدّهم اللّه بالملائكة، و هم مجهولون في الأرض لعدم
كونهم من أبناء الدنيا المشهورين بنعيمها، و معروفون فى السماء لكونهم من أهل
العلم و العرفان يعرفهم ربّهم بالطّاعة و يعرفهم ساير الملائكة بالعبادة و لا يخفى
بعده، و قال الشّارح المعتزلي: كونهم مجهولين في الأرض لخمولهم قبل هذا الجهاد.
ثمّ خاطب
7 البصرة على سبيل انذار أهلها و كنايه قال (فويل لك يا بصرة
عند ذلك من جيش من نقم اللّه لا رهج له و لا حسّ) قال الشّارح
البحراني و هو اشارة إلى فتنة الزنج و ظاهر أنّهم لم يكن لهم غبار و لا أصوات إذ
لم يكونوا أهل خيل و لا قعقعة لجم فاذا لا رهج لهم و لا حسّ، و ظاهر كونهم من نقم
اللّه للعصاة و ان عمت الفتنة اذ قلما تخصّ العقوبة النّازلة بقوم بعضهم كما قال
تعالى:
وَ
اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.
و فيه أنّ
ظاهر عبارته 7 مشعر بكون هذا الجيش غير ما اخبر به أوّلا فاذا كان
الأول اشارة إلى صاحب الزّنج و جيشه حسبما زعمه الشارح فكيف يمكن جعل ذلك اشارة
إليهم أيضا و ان كانوا بالأوصاف المذكورة، و قال الشارح المعتزلي كنّى 7 بهذا الجيش عن طاعون يصيبهم حتى يبيدهم.