فانه
(قد نعق بالشام) أى صاح فيه حين دعا أهله إلى نفسه، أوصاح بهم
و زجرهم حين الشّخوص إلى العراق (و فحص براياته في ضواحى
كوفان) أى أخذ نواحى كوفة مفحصا لراياته كما تأخذ القطاة في
الأرض مفحصا لها، و ذلك حين شخص عبد الملك بنفسه إلى العراق و قتل مصعبا و استخلف
الأمراء من بشر بن مروان أخيه و غيره عليه حتى انتهى الأمر إلى الحجّاج.
(فاذا فغرت
فاغرته) أى انفتح فوه و هو استعارة لاقتحامه للناس و افتراسه لهم بالفتك و
القتل كما يفتح الأسد فاه عند افتراس فريسته.
و ما في شرح
المعتزلي و غيره من أنّ تأنيث الفاغرة للفتنة لا يفهم معناه، بل الظاهر أنّ
التأنيث بملاحظة أصل المعنى المستعار منه على ما قدّمناه.
كنايه (و اشتدّت
شكيمته) و هو كناية عن شدّة بأسه و قوّته، لأنّ الفرس القوىّ شديد الرأس
يحتاج إلى قوّة الشكيمة (و ثقلت في الأرض وطأته) و هو كناية عن شدّة
جوره و ظلمه قال الشارح المعتزلي: و ذلك حين ولي الحجاج على العراق فصعب الأمر جدا
و عند ذلك استعاره تخييلية- استعاره مرشحة (عضّت الفتنة أبنائها بأنيابها) شبّه الفتنة
بحيوان صائل و أثبت لها النّاب على سبيل التخييل و رشح الاستعارة بذكر العضّ و
أراد بأبناء الفتنة أهلها، و المراد أنه اذا قوى سلطنة ذلك الضليل كثر الفتن و يقع
أهلها في الشدّة و الألم.
قال الشارح و
هو اشارة إلى تفاقم الفتن بين عبد الملك و بين الخوارج و عبد الرّحمن بن الأشعث (و ماجت
الحرب بأمواجها) كالبحر المتلاطم التيار المتراكم الزّخار مجاز فى الاسناد (و بدا من
الأيام كلوحها) نسبة الكلوح إلى الأيام من التوسّع في الاسناد و أراد به كثرة ما
يلقى النّاس فيها من العبوس و سواء الحال و كذلك نسبة الكدوح إلى الليالي في قوله (و من
اللّيالي كدوحها) و هو إشارة إلى ما يبتلى به النّاس فيها من المصائب الشبيهة بآثار
الجراحات و الخدوش و الجنايات.
(فاذا أينع
زرعه) أراد به انتظام أمره و كمال شوكته (و قام على ينعه) أى على نضجه
و كماله (و هدرت شقاشقة) و هو إشارة إلى ظهور طغيانه و بأسه