و من اخرى و هى المأة من المختار فى
باب الخطب و من الخطب التي تشتمل على ذكر الملاحم
الأوّل قبل
كلّ أوّل، و الآخر بعد كلّ آخر، بأوّليّته وجب أن لا أوّل له، و بآخريّته وجب أن
لا آخر له، و أشهد أن لا إله إلّا اللّه شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان، و القلب
اللّسان، أيّها النّاس لا يجرمنّكم شقاقي، و لا يستهوينّكم عصياني، و لا تتراموا
بالأبصار عند ما تسمعونه منّي، فوالّذي فلق الحبّة و برء النّسمة، إنّ الّذي
أنبّئكم به عن النّبيّ 6، ما كذب المبلّغ، و لا جهل
السّامع، لكأنّي أنظر إلى ضلّيل قد نعق بالشّام، و فحص براياته في ضواحي كوفان،
فإذا فغرت فاغرته، و اشتدّت شكيمته، و ثقلت في الأرض وطأته، عضّت الفتنة أبنائها
بأنيابها، و ماجت الحرب بأمواجها، و بدا من الأيّام كلوحها، و من اللّيالي كدوحها،
فإذا أينع زرعه، و قام على ينعه، و هدرت شقاشقه، و برقت بوارقه، عقدت رايات الفتن
المعضلة، و أقبلن كالّليل المظلم، و البحر الملتطم، هذا و كم يخرق الكوفة من قاصف،
و يمرّ عليها من عاصف، و عن قليل تلتفّ القرون بالقرون، و يحصد القائم، و يحطم
المحصود.