من سعة قصره إلى ضيق قبره و يحثّون
بأيديهم عليه التراب و يكثرون عنده التلدّد و الانتحاب
(و آخر يعزّى) و يسلّى اذا يئس عن برء عليله أو جزم بموت
خليله (و صريع مبتلى) بأنواع الأوجاع و
الأسقام و طوارق الأمراض و الآلام (و عائد يعود) المريض عند المرض و يتحسّر عليه إذا شاهده على غصص الجرض (و آخر بنفسه يجود) ابلس عنه زوّاره و عوّاده و
أسلمه أهله و أولاده و غضّوا بأيديهم عينيه و مدّوا الى جنبيه يديه و رجليه و هو
في سكرة ملهثة و غمرة كارثة و أنّه موجعة و سوقة مكربة و جذبة متعبة.
(و) منهم (طالب
للدّنيا) ساع لها (و الموت يطلبه) و يحثّه حتّى يدخله في حفرته (و) منهم (غافل) عمّا خلقه
اللّه لأجله (و ليس بمغفول عنه) بل اللّه عالم به و مجزيه بأعماله (و على
أثر الماضي ما يمضي الباقي) قال سيّد العابدين 7 في هذه
المعنى:
إذا كان هذا نهج من كان قبلنا
فانّا على آثارهم نتلا حق
فكن عالما أن سوف تدرك من مضى
و لو عصمتك الرّاسيات الشّواهق
ثمّ أمرهم
7 بذكر الموت و وصفه بلوازمه المنفّرة عنه فقال 7 (ألا
فاذكروا هادم اللّذات) الدنيوية (و منغّص الشهوات) النفسانية (و قاطع
الامنيّات) و الآمال الباطلة (عند المساورة) و المواثبة (للأعمال
القبيحة) لترتدعوا بذكره عنها (و استعينوا اللّه) سبحانه و اطلبوا منه
التوفيق (على أداء واجب حقّه) الذى أوجبه عليكم و هو الاتيان بالطّاعات و
القيام بوظايف العبادات (و) على أداء واجب (ما لا يحصى من
أعداد نعمه و احسانه) الذي أنعمه عليكم و أحسنه إليكم و هو القيام بوظايف الحمد
و الثبات بمراسم الثناء.
قال 7 في بعض كلماته: أيّها النّاس إنّ للّه في كلّ نعمة حقّا، فمن أدّاه زاده،
و من قصّر عنه خاطر بزوال النعمة و تعجّل العقوبة، فليراكم اللّه من النعمة و
جلين، كما يراكم من الذنوب فرقين.