لا سببية، أو المعنى سوّى الحركات في
الجهات أى جعل الميول متساوية بالجبال فسكنت لعدم المرجّح فالباء سببية، و يحتمل
أن يكون المراد أنه جعلها بالجبال بحيث قد تتحرّك بالزلازل و قد لا تتحرّك و لم
يجعل الحركة غالبة على السّكون مع احتمال كونها دائما متحرّكة بحركة ضعيفة غير
محسوسة، و من ذهب الى استناد الحركة السريعة الى الأرض لا يحتاج إلى تكلّف و كيف
كان فالمعنى أنه سبحانه عدل حركات الأرض بالجبال الثابته من صخورها و ب (ذوات الشناخيب الشمّ من صياخيدها) أى
بصاحبات الرءوس المرتفعة من صخورها الصلبة (فسكنت) الأرض (من الميدان) و
الاضطراب (برسوب الجبال فى قطع اديمها) أى دخولها في قطعات وجه الأرض و أعماقها
(و تغلغلها متسربة في جوبات خياشيمها) أى دخولها حال كونها نافذة
فى حفرات انوف الأرض و فرجاتها استعاره بالكنايه- استعاره مرشحة (و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها)
استعار لفظ الركوب للجبال و الأعناق للأرضين كناية عن الحاقهما بالقاهر و المقهور
و ذكر السّهول ترشيح، و لعلّ المراد بجراثيمها المواضع المرتفعة منها و مفاد هذه
الفقرات أنّ الأرض كانت متحرّكة مضطربة قبل خلق الجبال فسكنت بها، و ظاهره أنّ
لنفوذ الجبال فى أعماق الأرض و ظهورها و ارتفاعها عن الأرض كليهما مدخلا في سكونها
و قد مرّ الكلام فى ذلك في شرح الفصل الثالث من فصول الخطبة الاولى فتذكر (و فسح بين الجوّ و بينها) لعلّ في الكلام
تقدير مضاف أى وسّع بين منتهى الجوّ و بينها، أو المراد بالجوّ منتهاه إى السّطح
المقعر للسماء (و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها) أى جعل الهواء محلّا لطلب النسيم و استنشاقه و فائدته ترويح القلب
حتّى لا يتأذّى بغلبة الحرارة (و أخرج اليها أهلها على
تمام مرافقها) و المراد به ايجادهم و إسكانهم فيها بعد
تهيئة ما يصلحهم لمعاشهم و التزوّد لمعادهم
(ثمّ لم يدع) سبحانه و تعالى
(جرز الأرض التي) لا نبات بها و لا ماء من حيث إنها (تقصر مياه العيون عن) سقى (روابيها) و مرتفعاتها (و لا تجدجد اول الأنهار ذريعة)