اعلم أنّ
المقصود بهذه الخطبة الشريفة ذمّ أصحابه 7 و توبيخهم على تثاقلهم من
جهاد معاوية و أصحابه لعنهم اللّه، و صدّر الكلام بالتهديد و التعريض لأهل الشام
أو لأصحابه كما سيأتي من نسبة الظلم إليهم فقال 7 (و لئن
أمهل اللّه الظالم) و متّعه في دار الدّنيا (فلن يفوته أخذه) و عقوبته
كما قال تعالى:
قال أبو
القاسم البلخي معناه: و لا يحسبّن الذين كفروا أنّ إملاءنا لهم رضا بأفعالهم و
قبول لها بل هو شرّ لهم لأنّا نملي لهم و هم يزدادون إثما يستحقّون به العذاب
الأليم، فالمقصود أنه سبحانه و إن أمهل الظالم و هو مغمور في ظلمه مستبشر بجوره و
لكنه مدركه لا محالة و آخذه بالنّكال العظيم و العذاب الأليم.
حقيقت- مجاز (و هو له
بالمرصاد) و عليه طريق العباد فلا يفوته أحد و هو من ألفاظ الكتاب العزيز قال
تعالى: إنّ ربك لبالمرصاد، قال الطبرسيّ: و المعنى أنّه لا يفوته شيء من أعمالهم
لأنّه يسمع و يرى جميع أقوالهم و أفعالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد و روى عن
عليّ 7 أنّه قال: معناه إنّ ربّك قادر على أن يجزى أهل المعاصى جزائهم
و عن الصّادق 7 أنّه قال: المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد
بمظلمة عبد، و قال عطا: يعني يجازي كلّ أحد و ينتصف من الظالم للمظلوم انتهى أقول:
ما رواه عن الصادق 7 هو المعنى الحقيقى للمرصاد و ما رواه عن عليّ 7 بيان للمراد عن كونه سبحانه على المرصاد و محصّله أنه تعالى أجلّ و أعلى
من أن يكون في المكان لأنّ ذلك من صفات الامكان فلا بد من حمل كونه بالمرصاد على
التوسع و المجاز و إرادة عدم إمكان الهرب و الفوت منه كما لا يمكن الفوت ممن هو
بالرّصد و الترقب و هذا هو المراد أيضا بقوله (على مجاز طريقه) و نظيره
قوله (و بموضع الشجى من مساغ ريقه) أراد أنّه سبحانه
يكاد أن يغصّه بشجيء