عقوباته و يشجوه بغصص نقماته بما هو عليه
من رحب بلعومه و سوغه اللذائذ.
ثمّ أردف
7 ذلك بالقسم البارّ بظهور أهل الشّام عليهم و قال (أما و
الذي نفسي بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم) و نبّه على دفع ما لعلّهم يتوهّمون من
كون علّة ظهورهم و غلبتهم كونهم على الحقّ و كون أصحابه 7 على الباطل
بقوله:
(ليس لأنهم
أولى بالحقّ منكم) و أنتم أولى بالباطل منهم.
و أشار إلى
علّة الظهور بقوله (و لكن لاسراعهم إلى باطل صاحبهم و إبطائكم عن حقّي) أراد بذلك
أنّ ظهورهم عليكم ليس من جهة كونهم أهل حقّ و كونكم أهل باطل حتّى يوجب ذلك
تخاذلكم عن جهادهم و إنما ظهورهم من أجل اتفاق كلمتهم و اجتماعهم على طاعة إمامهم
الباطل و اختلاف آرائكم و تشتت أهوائكم فى طاعة الامام الحقّ، و من المعلوم أنّ
مدار الفتح و الظفر و النصرة و الغلبة في الحرب على الاتفاق و الاجتماع بطاعة
الجيش للرّئيس الموجب لانتظام أمرهم لا على حقيّة العقيدة و إلّا لما ظهر أهل
الشرك على أهل التوحيد أصلا، و الوجدان كثيرا ما يشهد بخلافه.
و أوضح 7 هذا المعنى بقوله (و لقد أصبحت الامم يخاف ظلم رعاتها و
أصبحت أخاف ظلم رعيّتي) و غرضه 7 بذلك الحاق التقصير و اللائمة في
المغلوبيّة عليهم و الاشارة إلى أنّ له الحجّة على الحقّ لالهم عليه مع التنبيه
على كونهم ظالمين في حقّه عاصين له، فانّ شأن الرعيّة الخوف من الوالي و به يستقيم
له امور الولاية و ينتظم امور الرّعية، و أما إذا كان الأمر بالعكس فلا يكون له
حينئذ في الرّعية رأى نافذ و يختلّ الأمر و يطمع فيه و في رعيّته غيره كما هو
معلوم بالوجدان و مشاهد بالعيان.
و من كان
خبيرا بأحواله 7 في خلافته و تأمل مجاري حالاته مع رعيّته عرف صدق هذا
الكلام و ظهر له أنّه 7 كان المحجور عليه لا يتمكّن من إظهار ما في
نفسه، إذ العارفون بحاله و المخلصون له كانوا قليلين، و كان السّواد الأعظم