تصرفون) و
تلفتون (أم بماذا تغترّون) و
تفتنون (و انّما حظّ أحدكم من الأرض) الغبراء (ذات الطول و العرض) و الارجاء (قيد قدّه) و
قامته (منعفرا على خدّه) و
وجنته.
اعملوا (الآن) و اغتنموا
الفرصة فيهذا الزّمان يا (عباد اللَّه و الخناق مهمل و الرّوح مرسل) أي أعناق
نفوسكم مهملة من الأخذ بخناق الموت و أرواحكم متروكة من الجذب بحبال الفناء و
الفوت (في فينة الارشاد) و الهداية إلى الجنان (و راحة الاجساد) و استراحة
الأبدان (و باحة الاحتشاد) أي ساحة اجتماع الأشباه و الاقران (و مهل
البقية و انف المشيّة) أي مهملة بقيّة الحياة و أوّل أزمنة الارادات.
و أشار بذلك
إلى أنّ اللّازم على الانسان أن يجعل أوّل زمان إرادته و ميل خاطره إلى اكتساب
الفضائل و اجتناب الرّذايل و يكون همّته يومئذ مصروفة في اتيان الطاعات و اقتناء الحسنات
ليكون ما يرد على لوح نفسه من الكمالات و اردا على لوح صاف من الكدورات سالم عن
رين الشّبهات إذ لو انعكس الأمر و جعل أوائل ميوله و إرادته منصرفة إلى اتيان
المعاصي و الخطيئات تسوّد وجه نفسه بسوء الملكات فلم يكد يقبل بعد ذلك الاستضائة
بنور الحقّ و الاهتداء إلى الخيرات.
(و انظار
التّوبة و انفساح الحوبة) أراد به إمهال اللَّه لهم لأجل تحصيل التوبة
و إعطائه لهم اتساع الحالة و وسعة المجال لاكتساب الحسنات الأعمال (قبل
الضّنك و المضيق) أي قبل ضيق الزّمان و مضيق المكان (و الرّوع و
الزّهوق) أى الفزع و خروج الرّوح من الأبدان (و قبل قدوم) الموت الذي
هو (الغائب المنتظر و أخذة) الذي هو (العزيز) الغالب (المقتدر) فانّه إذا
قدم الموت بطل التكليف و استحال تدارك الذنوب و لا ينفع النّدامة.
و لذلك قال
أبو جعفر 7: قال رسول اللَّه 6: الموت
الموت ألا و لا بدّ من الموت، جاء الموت بما فيه جاء بالرّوح و الرّاحة و الكرّة
المباركة إلى جنّة عالية لأهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم و فيها رغبتهم، و
جاء الموت بما فيه