(و كيف)
يستصعب و يتخلّف (و إنّما صدرت الامور عن مشيّة المنشي
أصناف الأشياء) يعني أنّ جميع الآثار مستند إلى مشيّة إذ كلّ
أثر فهو واجب عن مؤثّره و الكلّ منته في سلسلة الحاجة إلى إرادته فهو واجب عنها.
و يدلّ عليه
ما رواه في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن اذينة عن
أبي عبد اللَّه 7 قال: خلق اللَّه المشيّة بنفسها ثمّ خلق الأشياء
بالمشيّة.
و سيأتي
تحقيق الكلام في ذلك بعد الفراغ من شرح الفصل، هذا و قوله 7 (بلا
رويّة فكر آل إليها و لا قريحة غريزة أضمر عليها و لا تجربة أفادها من حوادث
الدّهور و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الامور) إشارة إلى تنزّهه في
ايجاد المخلوقات عن الافتقار إلى هذه الامور، و أنّ ذاته بذاته مصدر جميع الامور و
أنّ خلقه سبحانه لها غير موقوف على شيء منها.
أمّا رويّة
الفكر فلأنها عبارة عن حركة القوّة المفكّرة في تحصيل المطالب من المبادي
و انتقالها منها إليها و هي محال على اللَّه سبحانه: «أمّا أوّلا» فلكون القوّة
المفكّرة من خواصّ نوع الانسان «و أمّا ثانيا» فلأنّ فايدتها تحصيل المطالب المجهولة
من المعلومات و الجهل محال في حقه تعالى و أمّا قريحة الغريزة فلانّها على
ما عرفت عبارة عن استنباط العلم بجودة الذهن، و استحالته على اللَّه واضحة إذ
العلم عين ذاته و هو تعالى غير فاقد له حتّى يكون محتاجا إلى التّعمق و الاستنباط
و النظر في موارده و مصادره و الاستقصاء عليه و بلوغ الغاية فيه و أمّا التجربة فلأنّها
عبارة عن حكم العقل بأمر على أمر بواسطة مشاهدات متكرّرة معدّة لليقين بسبب انضمام
قياس خفيّ إليها، و هو أنّه لو كان هذا الأمر اتفاقيّا لما كان دائما أو أكثريّا و
استحالتها على اللَّه من وجهين: أحدهما أنّها، مركبة من مقتضى الحسّ و العقل، و
ذلك أنّ الحسّ يشاهد وقوع الاسهال مثلا