لم يزل قائما دائما، إذ لا سماء ذات
أبراج، و لا حجب ذات أرتاج، و لا ليل داج، و لا بحر ساج، و لا جبل ذو فجاج، و لا
فجّ ذو اعوجاج، و لا أرض ذات مهاد، و لا خلق ذو اعتماد، ذلك مبتدع الخلق و وارثه،
و إله الخلق و رازقه، و الشّمس و القمر دائبان في مرضاته، يبليان كلّ جديد، و
يقرّبان كل بعيد، قسّم أرزاقهم، و أحصى آثارهم و أعمالهم و عدد أنفاسهم و خائنة
أعينهم و ما تخفي صدورهم من الضّمير، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور،
إلى أن تتناهى بهم الغايات، هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، و
اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته، قاهر من عازّه، و مدمِّر من شاقّه، و مذلّ
من ناواه، و غالب من عاداه، من توكّل عليه كفاه، و من سأله أعطاه، و من أقرضه
قضاه، و من شكره جزاه، عباد اللَّه زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا و حاسبوها من قبل
أن تحاسبوا، و تنفّسوا قبل ضيق الخناق، و انقادوا قبل عنف السّياق، و اعلموا أنّه
من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر، لم يكن له من غيرها زاجر و لا
واعظ.
اللغة
(الرّوية) من
روات في الأمر أى تفكّرت فيه و أصلها رؤيته و استعمالها في لسان العرب بغير همز و
مثلها برية و (الأبراج) جمع البرج كالأركان و الرّكن لفظا و معنى و (الارتاج) إما
مصدر باب الأفعال من ارتج الباب أغلقه أو جمع الرّتج محرّكة