و لا تفهمون و لا تذكّرون، و قد اسمع
اسلافكم فسمعوا، و بصّروا فتبصّروا و ذكّروا فتذكّروا و عمّروا فنعموا، و علّموا
ففهموا.
ثمّ حذرهم و
أنذرهم بإشراف الابتلاء و المحنة و نزول البلية بقوله (و لقد نزلت بكم
البليّة) لعلّه أراد بها فتنة معاوية و دولة بني أميّه استعارة بالكنايه (جائلا
خطامها رخواً بطانها) استعارة بالكناية عن خطرها و صعوبة حال من يعتمد عليها و
يركن إليها كما أنّ من ركن إلى النّاقة التي جال خطامها و لمتستقرّ في وجهها و
انفها و ارتخى حزامها فركبها كان في معرض السّقوط و الهلاك.
النهى ثمّ
أردف ذلك بالنّهى عن الاغترار بالدّنيا فقال (و لا يغرنّكم ما
أصبح فيه أهل الغرور) من الاغترار بزخارفها و لذّاتها و الانهماك في شهواتها و
طيّباتها بظنّ دوامها و ثباتها (فانّما هو ظلّ ممدود إلى أجل) محدود (معدود) بينا ترونه
سابغا حتّى قلص و زيداً حتّى نقص.
تكملة
قد اشرنا
سابقا إلى أنّ أوّل فقرات هذه الخطبة مرويّة في الكافي باختلاف لما هنا فأحببت أن
اوردها على ما هود يدننا في الشّرح فأقول:
روى الكلينيّ
عن محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد
اللَّه 7 قال: قال أمير المؤمنين 7 أيّها النّاس إنّ اللَّه
تبارك و تعالى أرسل إليكم الرّسول 6ّ، و أنزل عليه
الكتاب و أنتم اميّون عن الكتاب و من أنزله و عن الرّسول و من أرسله على حين فترة
من الرّسل، و طول هجعة من الأمم، و انبساط من الجهل، و اعتراض من الفتنة، و انتقاض
عن المبرم، و عمى عن الحقّ، و اعتساف من الجور، و امتحاق من الدّين، و تلظّ من
الحروب، على حين اصفرار من رياض جنّات الدّنيا، و يبس من اغصانها، و انتشار من
ورقها، و اياس من ثمرها، و اغورار من مائها.
قد درست
أعلام الهدى، و ظهرت أعلام الردى، فالدّنيا متهجّمة «متجهّمة ح» في وجوه أهلها؛
مكفهرّة مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، و طعماها الجيفة،