الَّذينَ
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ.
إذا عرفت هذا
فأقول قوله 7 (إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللَّه
على نفسه) أراد بمحبّته سبحانه له إفاضته الكمالات النّفسانية عليه المعدّة له
بالقرب إليه تعالى و القبول بفضله و جوده، و يأتي في شرح المختار المأتين و الخامس
و العشرين إنشاء اللّه تفصيل الكلام في معنى محبّته تعالى، و معنى إعانته له على
نفسه اعانته جنود عقله على جنود جهله و تقوية عقله على قهر نفسه الأمّارة، فاذا
قوى عقله و اعين له اتّصف بأوصاف أشار 7 إليها.
أوّلها أنّه (استشعر
الحزن) أي أتّصف بالحزن و جعله ملازما له لزوم الشّعار للجسد، و إنّما صار
محزونا لما صدر منه في الأيّام الماضية من التفريط في جنب اللّه حيث لم يكتسب فيها
من موجبات القرب و الاختصاص اضعاف ما اكتسبه (و) الثّاني
انه (تجلبب الخوف) أي جعله لازما له لزوم الجلباب للبدن، و قد
مضى تحقيق الكلام في الخوف و في أقسامه في شرح الخطبة الخامسه و السّبعين و
الثّالث أنّه حيث اتّصف بالحزن و الخوف (ف) استعدّ بذلك لأن (زهر
مصباح الهدى في قلبه) أى أضاء أنوار المعارف الحقّة الالهيّة في قلبه فصار سببا
لاهتدائه و وصوله إلى مقام القرب.
(و) الرابع انّه
تشبيه (أعدّ القرى ليومه النّازل به) شبّه يوم الموت و ما
بعده بالضّيف المتوقّع نزوله و كما أنّ من توقّع نزول ضيف به يهيّأ له قرى ليبيض
به وجهه عند الضيف و يكسب به المحمدة منه و لا ينفعل منه عند نزوله، فكذلك الرّجل
الموصوف لمّا توقّع نزول الموت و علم أنّه قادم لا محالة أعدّ له من وظايف
الطّاعات و العبادات ما يكون موجبا لبياض (لابيضاض خ) وجهه عند نزوله و اكتسابه
المحمدة و الثّناء، و ذلك أيضا من ثمرات الخوف المقدّم ذكره و من شئوناته.
و الخامس أنه
حيث أعدّ قرى ضيفه (فقرّب على نفسه البعيد) و الظّاهر أنّ