فمن اشتبه عليكم أمره و لم تعرفوا دينه
فانظروا إلى خلطائه، فان كانوا أهل دين اللَّه فهو على دين اللَّه، و إن لم يكن
على دين اللَّه فلا حظّ لهم في دين اللَّه، إنّ رسول اللَّه 6 كان يقول: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يواخينّ كافرا و لا
يخالطنّ فاجرا، و من آخى كافرا أو خالط فاجرا كان فاجرا كافرا و لنعم ما قيل في
هذا المعنى:
عن المرء لا تسأل و سل عن قرينه
فكلّ قرين بالمقارن يقتدي
و من مجالس
الشّيخ حسن ابن شيخنا الطّوسي قدّس اللَّه رمسهما مسندا عن أبي الخير قال: قال
رسول اللَّه 6: أربعة مفسدة للقلوب: الخلوة بالنّساء، و
الاستمتاع منهنّ، و الأخذ برأيهنّ، و مجالسة الموتى فقيل: يا رسول اللَّه 6 و ما مجالسة الموتى؟ قال: كلّ ضالّ عن الايمان و جائر
«حائر ظ» عن الأحكام، و الأخبار في هذا المعنى كثيرة و لا حاجة إلى الزّيادة.
ثمّ أمر
بمجانبة الكذب بقوله: (جانبوا الكذب) و قد مرّ الكلام في قبحه عقلا و شرعا
في شرح كلامه الثالث و الثمانين و يأتي تفصيل أقسامه في التذنيب الآتي، و علّل
7 قبحه هنا بقوله: (فانّه مجانب للايمان) و أراد 7 بذلك أنّ كلّا من الكذب و الايمان مجانب من الآخر و أن بينهما تباعدا و
تجانبا.
و ذلك على القول
بكون الايمان عبارة عن مجموع المعرفة و ما يتبعها من الأعمال الصّالحة واضح، لأنّ
الصّدق على ذلك جزء للايمان و الكذب مضادّ له فيكون مضادّا للايمان، و أمّا على
كونه عبارة عن نفس المعرفة فلأنّ الايمان من أعظم الفضايل المنجية و الكذب من أخس
الرّذايل المهلكة و التباعد بين الفضيلة و الرّذيلة و الانجاء و الاهلاك أيضا
ظاهر.
كما أشار إلى
ذلك و أوضحه بقوله: (الصّادق على شفا منجاة و كرامة) أى على طرف من
النجاة و الكرامة و مشارف عليهما أو على طرف من محلّ النّجاة و قريب منها يكاد أن
يقع فيها و في الكرامة الدنيوية و الاخروية (و الكاذب على شرف مهواة و مهانة) أى على مكان
عال من الهوى و الهوان أو مشارف لمحلّ السقوط