في الشّهادة
بالتّوحيد و ذكر بعض صفات الجمال و الجلال و هو قوله: (و أشهد
أن لا إله إلّا اللَّه وحده) في ذاته و صفاته (لا شريك له) في أفعاله و
مخلوقاته، و قد مضى تحقيق الكلام في ذلك في شرح الفصل الثّاني من فصول الخطبة الثانية
فلا حاجة إلى الاعادة (الأوّل) بالأزليّة ف (لا شيء قبله و
الآخر) بالأبديّة ف (لا غاية له) قد مضى تحقيق الأول
و الآخر في شرح الخطبة الرّابعة و الستّين، و قدّمنا هناك أنّ أوليّته سبحانه لا
تنافي آخريته، و آخريّته لا تنافي أوّليّته كما تتنافيان في غيره سبحانه.
و نقول هنا
مضافا إلى ما سبق: أنّه سبحانه أوّل الأشياء و قبل كلّ شيء فلا يكون شيء قبله، و
ذلك لاستناد جميع الموجودات على تفاوت مراتبها و كمالاتها إليه، و هو مبدء كلّ
موجود فلم يكن قبله أوّل بل هو الأوّل الّذي لم يكن قبله شيء.
قال
النّيسابورى في محكيّ كلامه: و هو سبحانه متقدّم على ما سواه بجميع أقسام
التقدّمات الخمسة التي هي تقدّم التّأثير و الطبع و الشرف و المكان و الزمان، أمّا
بالتّأثير فظاهر، و أمّا بالطّبع فلأنّ ذات الواجب من حيث هو لا يفتقر إلى الممكن
من حيث هو و حال الممكن بالخلاف، و أمّا بالشّرف فظاهر، و أمّا بالمكان فلأنّه
وراء كلّ الأماكن و معها كقوله تعالى:
فَأَيْنَما
تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.
و قد جاء في
الحديث لو دليتم بحبل إلى الأرض السّفلى لهبط إلى اللَّه ثمّ قرأ: هو الأوّل و
الآخر، و أمّا بالزّمان فأظهر.
و أمّا
آخريّته فلأنه هو الباقي بعد فناء وجود الممكنات و إليه ينتهى كلّ الموجودات فهو
غاية الغايات فلا يكون له غاية.