(لم يمهّدوا في سلامة الأبدان و لم يعتبروا
في انف الأوان) أى لم يهيئوا في حال الصّحة و السّلامة ليوم المعاد و لم يعتبروا في
أوّل الأزمنة بالعبر النّافعة بل الكلّ مال عنها و حاد، فالشّباب للهرم و الصّحة
للسّقم و الوجود للعدم بذلك جرى في اللوح القلم.
استفهام على
سبيل الانكار و التّوبيخ (فهل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلّا حواني
الهرم، و أهل غضارة الصّحة إلّا نوازل السّقم، و أهل مدّة البقاء إلّا آونة
الفناء) و العدم استفهام على سبيل الانكار و التّوبيخ عما ينتظر الشّبان
النّاعمة الجسد الرّقيقة الجلد غير حوانى الهرم التي تحنى ظهورهم و عما ينتظر أهل
النعمة و الصّحة غير نوازل السّقم التي تنزل عليهم و عمّا ينتظر المعمرون بطول
أعمارهم غير الفناء و العدم الذى يفنيهم.
و إنّما و
بخّهم على ذلك لأنّ من كان مصير أمره إلى الهرم و السّقم و الفناء و الزّوال ينبغي
أن يأخذ العدة و الذّخيرة لنفسه و ينتظر ما يصير أمره إليه و يراقبه و لا يشتغل
بغيره.
فهؤلاء لما
قصروا هممهم في غير ذلك و أوقعوا أنفسهم في مطارح المهالك
[2] اعلم أنّ هذا البيت و ساير الأبيات التي
أنشدناها فى شرح هذا الفصل و هكذا بعض الفقرات التي أوردناها مأخوذة من مناجاة
الامام زين العابدين علىّ بن الحسين( ع) و ندبته التي رواها أبو عيينة الزهرى، و
انما اقتبسناكل ذلك من كلامه لانّ كلام المعصوم يصدق بعضه بعضا، و اللّه الهادى
الى سواء السبيل منه.