و شعاعها منبسط على الأرض فاذا غابت
الدّارة فلا شمس و إذا قطعت الرّاس[1] فلا روح.
فانّ غرض
السّائل أنّ المدرك هو العضو أمّ الرّوح تبصر الأشياء و هذا منظره، فاختار 7 الثاني و علله بأنّ العضو مثل ساير الأجسام الصقيلة يري فيها الوجه كالماء
و المرآة فكما أنّها ليست مدركة لما ينطبع فيها فكذا العين و غيرها من المشاعر
هذا.
و قد اشير
إلى منافع السمع و البصر و بعض حكمهما في حديث المفضل المعروف عن الصادق 7 حيث قال:
انظر يا
مفضّل إلى هذه الحواس الخمس التي خصّ بها الانسان في خلقه و شرف بها على غيره كيف
جعلت العينان في الرّأس كالمصابيح فوق المنارة ليتمكّن من مطالعة الأشياء و لم
تجعل في الأعضاء التي تحتهنّ كاليدين و الرّجلين فتعرضها الآفات و يصيبها من
مباشرة العمل و الحركة ما يعلّلها و يؤثّر فيها و ينقص منها، و لا في الأعضاء التي
وسط البدن كالبطن و الظهر فيعسر تقلّبها و اطلاعها نحو الأشياء.
فلمّا لم يكن
لها في شيء من هذه الأعضاء موضع كان الرأس أسنى المواضع للحواسّ و هو بمنزلة
الصّومعة لها، فجعل الحواسّ خمسا تلقى خمسا لكيلا يفوتها شيء من المحسوسات فخلق
البصر ليدرك الألوان فلو كانت الألوان و لم يكن بصر يدركها لم يكن فيها منفعة.
و خلق السّمع
ليدرك الأصوات فلو كانت الأصوات و لم يكن سمع يدركها لم يكن فيها ارب و كذلك ساير
الحواسّ. ثمّ يرجع هذا متكافئا فلو كان بصر و لم يكن الألوان لما كان للبصر معنى،
و لو كان سمع و لم يكن أصوات لم يكن للسّمع موضع فانظر كيف قدر بعضها يلقى بعضا
فجعل لكلّ حاسة محسوسا يعمل فيه و لكلّ محسوس حاسّة تدركه.
[1] الرأس مذكر و تأنيث الفعل كانه لاشتماله على الاعضاء الكثيرة
ان لم يكن من تحريف النساخ، بحار.