صلوات اللّه عليه بهذا الكلام ما في
قلبهما من النّفاق و أعلمهم أنّهم يتفرّقون عن وصيّه و لا يطيعون أمره كما خالف
بنو اسرائيل موسى و تفرّقوا عن هارون.
و ثامنا أنّ
إنكار الشّارح لدلالة الرّواية على خلافة أمير المؤمنين لا معنى له، إذ قوله: لو
فعلت لتفرّقتم و إن لم يكن مستلزما لوقوع الفعل إلّا أنّ الضّمير في أرى مكانه
راجع إلى المسئول عنه و قد سألا عن المستخلف و المفزع فقال: أرى مكانه فيدلّ على
أنّ المستخلف و المفزع كان موجودا حين السؤال و إلّا لزم أن يكون كلامه غير مطابق
للواقع و نعوذ باللّه من ذلك.
و هذا كلّه
بعد الغضّ عن صحّة الرّواية و عن تصحيف العامة فيها و إلّا فقد قدّمنا هذه
الرّواية من الاحتجاج في التّنبيه الثّاني من تنبيهات الكلام الثالث عشر و فيها
أنّهما قالا: يا رسول اللّه فهل استخلفت أحدا؟ قال: ما خليفتي فيكم إلّا خاصف
النّعل فمرّا على عليّ و هو يخصف نعل رسول اللّه، و عليه فالرّواية ناصّة على
خلافته من هذه الجهة أيضا.
و تاسعا ما
زعمه الشّارح من جواز كون المصلحة في اختيار الامّة لأنفسهم من شاءوا و ترك النبيّ
لهم فآرائهم فاسد جدا، إذ قد أثبتنا في المقدمة الثّانية من مقدّمات الخطبة الشّقشقيّة
وجوب عصمة الامام، و العصمة ملكة خفيّة لا يمكن أن يبلغها الجهّال و الضّلال و
يدركوها بأوهامهم فيقيموا إماما بآرائهم.
و قد مرّ في
شرح الخطبة الثّانية إبطال الرّضا 7 لهذا الزّعم الفاسد و الرّأى
الكاسد حيث قدّمنا هناك منه رواية شريفة في معرفة شأن الامام و قوله 7
فيها: إنّ الامامة أجلّ قدرا و أعظم شأنا و أعلا مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا
من أن يبلغها النّاس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إلى
آخر ما قاله، و فيه كفاية لمن له علم و دراية هذا.
و قد مرّ في
شرح الكلام الثالث عشر بعض مطاعن عايشة و شطر من الكلام فيها فليراجع ثمّة.