و السّاعة النّحس و هاديا إليهما فيهتدى
بك التابعون لك و المصدّقون بك و يتراقبون بعد السّاعات فينالون الخير و السّعادة
و يتّقون نحسها فيسلمون من النحوسة و الكراهة فيلزم على ذلك استغنائهم بك عن اللّه
و غناهم برأيك عن اللجأ إلى اللّه و الفزع إليه سبحانه.
(و) أيضا (ينبغي في
قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه لانّك بزعمك أنت هديته إلى السّاعة
التي نال فيها النفع و آمن فيها الضرّ) فكنت أنت المنعم عليه بتلك النعمة فلا
بدّ أن تستحقّ الحمد و الثّناء بذلك و لزم أن يكون حمده على تلك النعمة راجعا
إليك.
(ثم) إنّه بعد
التنبيه على فساد زعم المنجّم بالوجوه الثلاثة (أقبل على الناس) و نهاهم عن
الأخذ بالنجوم و حذّرهم عن تعلّمها (فقال أيها الناس إياكم و تعلّم النجوم) قال الشارح
البحراني: الذى يلوح من سرّ نهى الحكمة النبويّة عن تعلّم النجوم أمران الأوّل
اشتغال متعلّمها بها و اعتماد كثير من الخلق السامعين لأحكامها فيما يرجون و
يخافون عليه فيما يسنده إلى الكواكب و الأوقات و الاشتغال بالفزع إليه و إلى
ملاحظة الكواكب عن الفزع إلى اللّه و الغفلة عن الرّجوع إليه فيما يهمّ من الأحوال
و قد علمت أنّ ذلك يضادّ مطلوب الشارع إذ كان غرضه ليس إلّا دوام التفات الخلق إلى
اللّه و تذكرهم لمعبودهم بدوام حاجتهم إليه.
الثاني أنّ
الأحكام النجومية اخبارات عن امور سيكون و هى تشبه الاطلاع على الامور الغيبية و
أكثر الخلق من العوام و النساء و الصبيان لا يتميزون بينها و بين علم الغيب و
الأخبار به فكان تعلّم تلك الأحكام و الحكم بها سببا لضلال كثير من الخلق و موهنا
لاعتقاداتهم في المعجزات أو الاخبار عن الكاينات منها و كذلك في عظمة بارئهم و
يشككهم في عموم الآيات الدّالة على اختصاص علم الغيب باللّه سبحانه، و كان هذين
الوجهين هما المقتضيان لتحريم الكهانة و السحر و العزائم و نحوهما.
و كيف كان
فلما نهى الناس عن تعلّم النجوم بالوجهين الذين عرفت استثنى عن ذلك قوله (إلّا ما
يهتدى به في برّ أو بحر) لعدم استلزام ذلك الجهتين المذكورتين