بملاحظة أنّ
الزّاد لمّا كان هو الطعام الذي يتّخذ للسّفر ليتقوّى به الطبيعة على الحركات
الحسيّة و كانت تقوى اللّه ممّا تقوى به النّفس على الوصول إلى حظيرة القدس حسن
الاستعارة به عنها لما بين المعنيين من كمال المشابهة و تمامها.
قال بعض
العارفين: ليس السّفر من الدّنيا أهون من السّفر في الدّنيا و هذا لا بدّ له من
زاد و كذلك ذلك بل يزداد، فانّ زاد الدّنيا يخلصك عن عذاب منقطع موهوم و زاد
الآخرة ينجيك من عذاب مقطوع معلوم، زاد الدّنيا يوصلك إلى متاع الغرور و زاد
الآخرة يبلغك دار السّرور، زاد الدّنيا سبب حظوظ النّفس و زاد الآخرة سبب الوصول
إلى عتبة الجلال و القدس.
السّادس عشر
قوله (ركب الطريقة الغرّاء) أى سلك جادّة الشّريعة الواضحة المستقيمة
الموصلة لسالكها الى الجنان و مقام القرب و الرّضوان.
السّابع عشر
قوله (و لزم المحجة البيضاء) قال الشّارح البحراني و الفرق بين ذلك
و الذي قبله أنّ الأوّل أمر بركوب الطريقة الغرّاء و الثّاني أمر بلزومها و عدم
مفارقتها و انّها و إن كانت واضحة إلّا أنّها طويلة كثيرة المخاوف و سالكها أبدا
محارب للشّيطان و هو في معرض أن يستزلّه عنها.
الثامن عشر
قوله (اغتنم المهل) أى أيام مهلته و هو مدّة عمره و أيّام حياته
في دار الدّنيا.
قال زين
العابدين و سيد الساجدين 7 في دعاء مكارم الأخلاق من الصّحيفة:
اللهمّ صلّ
على محمّد و آل محمّد و نبّهني لذكرك في أوقات الغفلة و استعملني بطاعتك في أيّام
المهلة و انهج لي إلى محبّتك سبيلا سهلة.
و انّما عبّر
عنها بأيّام المهلة لأنّ العناية الأزليّة لمّا كانت مقتضية لسوق النّاقص إلى
كماله فاقتضت العناية عدم معاجلة العباد بالعقوبة و السّخط و الأخذ