لطمع العدوّ فيكم و قصد بلادكم و
الاستيلاء عليكم و استباحة دمائكم و أموالكم و سبى ذراريكم، و قد مضى في شرح
الخطبة السابعة و العشرين ما يوجب زيادة توضيح المقام.
ثمّ انّه
7 بعد توبيخهم و تبكيتهم على سوء أفعالهم أشار إلى حالتهم التي كانوا
عليها حين دعوتهم إلى الجهاد بقوله: (اذا دعوتكم الى جهاد عدوّكم) تحيرتم و
تردّدتم بين النّهوض الى العدوّ و القعود عنه جبنا و خوفا ف (دارت أعينكم) من شدّة
الخوف (كأنكم من الموت في غمرة و) شخصت أبصاركم كأنكم (من
الذّهول) و الغفلة (في سكرة) كما قال سبحانه:
فَإِذا
جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي
يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ و هو الذى قرب من حال الموت و غشيته أسبابه
فيذهل و يذهب عقله و يشخص بصره فلا يطرف، و كذلك هؤلاء تشخص أبصارهم و تحار أعينهم
من شدّة الخوف (يرتج عليكم حوارى) و يغلق عليكم خطابى (فتعمهون) في الضلال و
تردّدون في الشّخوص إلى القتال (فكان قلوبكم مألوسة) و افئدتكم مجنونة (فأنتم لا
تعقلون) ما أقول و لا تفقهون صلاح الأمر (ما أنتم لى بثقة) أثق بكم و
أعتمد عليكم و أتقوّى بكم على اعدائي.
(سجيس
الليالى) لكثرة ما شاهدت فيكم من كذب الوعد و خلف العهد (و ما أنتم بركن
يمال بكم) و يستند اليكم (و لا زوافر عزّ) يعتصم بكم و (يفتقر
اليكم) لما فيكم من الذّلّ و الفشل و العجز و الرذالة (ما أنتم الا ك) عجاجة (ابل) او قطيعة
غنم (ضلّ رعاتها فكلّما جمعت من جانب انتشرت من) جانب (آخر) و ذلك من
أجل ما فيكم من اختلاف الأهواء و تستّت الآراء المانع من اجتماعكم على ما فيه نظم
أمر المعاش و صلاح حال المعاد (لبئس لعمر اللّه سعرنار الحرب أنتم) مع ما فيكم
من الفشل و الخوف مضافا إلى سوء الرأى و ضعف التّدبير و بذلك