«قالُوا يا مُوسى
إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ
فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ خ ل» فقام ناس منهم و
اعتذروا بكثرة الجراح فى النّاس و طلبوا أن يرجع بهم إلى الكوفة أيّاما ثمّ يخرج،
فرجع بهم غير راض و أنزلهم النّخيلة و أمر النّاس أن يلزموا معسكرهم و يقلوا زيارة
أهلهم و أبنائهم حتّى يسير بهم الى عدوّهم.
فلم يقبلوا و
دخلوا الكوفة حتّى لم يبق معه من النّاس إلا رجال من وجوههم قليل، و بقى المعسكر
خاليا فلا من دخل الكوفة رجع إليه، و لا من أقام معه صبر، فلما رأى ذلك دخل الكوفة
فخطب النّاس فقال:
أيّها النّاس
استعدّوا لقتال عدوّ في جهادهم القربة إلى اللّه و درك الوسيلة عنده قوم حيارى عن
الحقّ لا ينصرونه مورغين[1] بالجور و
الظلم لا يعدلون به و جفاة عن الكتاب نكب عن الدين يعمهون في الطغيان و يتمكعون[2] في غمرة الضّلالة، ف أَعِدُّوا
لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ، و توكّلوا
على اللّه و كفى باللّه و كيلا فلم ينفروا فتركهم أيّاما ثمّ خطبهم فقال: (افّ لكم
لقد سئمت) و مللت (من عتابكم) بمالا ارتضيه من أفعالكم و أقوالكم و
كثرة تثاقلكم عن قتال خصومكم (ارضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا) حيث تركتم
الجهاد حبّا للبقاء و رغبة إلى الحياة، و رغبتم عمّا يترتّب عليه من الثّمرات
الاخروية من الدّرجات الرّفيعة و الرّحمة و المغفرة.
مضافة إلى ما
فيه من فضله على الأعمال و فضل عامله على العمّال، إذ به يدفع عن الدّين، و يستقام
شرع سيّد المرسلين، و به اشترى اللّه من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بالجنّة مفلحا
منجحا (و بالذلّ من العزّ خلفا) حيث إنّ قعودكم عن الجهاد مستلزم