كساير الكفّار من المشركين و منكري
الرّسالة و ساير ما ثبت ضرورة من دين الاسلام و ليس كذلك و إلّا لحكموا بجواز سبى
ذراريهم و تملّك نسائهم و أموالهم الغير المنقولة كساير الكفار من أهل الحرب مع
أنّهم قد اجمعوا على عدم جواز شيء من ذلك.
كيف و لو كان
بناؤهم على ذلك لم يفصلوا في البغاة بين ذوى الفتنة كأصحاب الجمل و معاوية، و بين
غيرهم كالخوارج حيث قالوا: في الأوّلين باجهاز جريحهم و اتباع مدبرهم و قتل
أسيرهم، و في الآخرين بوجوب الاكتفاء بتفريقهم من غير أن يتّبع لهم مدبر أو يقتل
لهم أسير أو يجهز على جريح، و لم يختلفوا أيضا في قسمة أموالهم التي حواها العسكر،
بل حكموا في كل ذلك بحكم الكافر الحربي.
و ممّا ذكرنا
ظهر ما في كلام المورد أيضا مضافا إلى ما فيه من أنّه لو كان المراد بالمفتون في
كلامه 7 هو المرتدّ عن دين الاسلام على ما فهمه المورد لزم الحكم بعدم
قبول توبة أكثر البغاة لو تابوا و بقسمة أموالهم و باعتداد زوجتهم عدّة الوفاة،
لأنّ اكثر أهل البغى قد ولدوا على الفطرة مع أنّه لم يحكم أحد بذلك.
و تحقيق
الكلام في المقام على ما يستفاد من كلام بعض علمائنا الأبرار و أخبار أئمتنا
الاطهار سلام اللّه عليهم ما تعاقب اللّيل و النّهار هو:
أنّ البغاة
محكوم بكفرهم باطنا إلّا أنّه يعامل معهم في هذا الزّمان المسمّى بزمان الهدنة
معاملة المسلم الحقيقي فيحكم بطهارتهم و جواز ملاقاتهم بالرّطوبة و بحلّ أكل
ذبايحهم و حرمة أموالهم و صحة مناكحاتهم إلى غير ذلك من أحكام الاسلام حتّى يظهر
الدّولة الحقّة عجّل اللّه تعالى ظهورها فيجري عليهم حينئذ حكم الكفّار الحربيين.
و يشهد بذلك
ما رواه في الوسايل باسناده عن عبد اللّه بن سليمان قال: قلت لأبي عبد اللّه 7: إنّ النّاس يروون أنّ عليّا 7 قتل أهل البصرة و ترك أموالهم
فقال: إنّ دار الشرّك يحلّ ما فيها و انّ دار الاسلام لا يحلّ ما فيها فقال إنّ
عليّا إنّما منّ عليهم كما منّ رسول اللّه 6 على أهل
مكّة و إنّما ترك عليّ 7 لأنّه كان