كتبوا بأيديهم ما ليس في كتاب اللّه من
بعث النّبيّ و غيره و أضافوه إلى كتاب اللّه، و قيل: نزلت في اليهود و النّصارى
حرّفوا التّوراة و الانجيل و ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض و الحقوا به ما ليس منه و
أسقطوا منه الدّين الحنيف.
قال ابن عباس
و كيف كان فالمقصود أنّ النّاس يوم بعث النبيّ كانوا أهل جاهلية غافلين عن الكتاب
و السنّة (فساق) صلوات اللّه و سلامه عليه و آله (النّاس حتى
بوّاهم محلّتهم) يعنى أنّه ضرب النّاس بسيفه حتى أسكنهم منزلتهم و مرتبتهم التي
خلقوا لاجلها (و بلغهم منجاتهم) التي لا خوف على من كان بها و لا سلامة
للمنحرف عنها.
و المراد
بهما هو الاسلام و الدّين و بذلك يحصل النّجاة من النّار و يتقى من غضب الجبار و
يسكن دار القرار، و ذلك هو المراد من خلقة الانسان و به يحصل مزّيته على ساير
أنواع الحيوان مجازا من باب اطلاق السبب على المسبب- استعاره (فاستقامت
به قناتهم) التي كانت معوّجة (و اطمأنّت صفاتهم) التي كانت متزلزلة
مضطربة.
قال الشّارح
البحراني: و المراد بالقناة القوّة و الغلبة و الدّولة التي حصلت لهم مجازا من باب
اطلاق السبب على المسبب، فانّ الرّمح سبب للقوّة و الشدّة، و معنى إسناد الاستقامة
إليها انتظام قهرهم و دولتهم، و لفظ الصفات استعارة لحالهم التي كانوا عليها.
و وجه
المشابهة أنّهم كانوا قبل الاسلام في مواطنهم و على أحوالهم متزلزلين لا يقرّ
بعضهم بعضا في موطن و لا على حال بل كانوا أبدا في النّهب و الغارة و الجلاء،
فكانوا كالواقف على حجر أملس متزلزل مضطرب فاطمأنّت أحوالهم و سكنوا في مواطنهم
تشبيه (أما و اللّه ان كنت لفي ساقتها) شبّه أمر الجاهلية
إمّا بعجاجة ثائرة[1] أو بكتيبة
مقبلة للحرب.
فقال إنّى
طردتها فولّت بين يدي و لم أزل في ساقتها أنا أطردها و هي تنفر أمامى (حتّى
تولّت) هاربة (بحذافيرها) و لم يبق منها شيء (ما عجزت) من سوقها