(و مضيّا على اللّقم) و الجادّة الوسطى (و صبرا على مضض الألم) و مرارة البلاء (و جدّا في جهاد العدوّ) و الخصماء (و لقد كان الرّجل منّا و الآخر من
عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما)
مفكرين (أيّهما يسقى صاحبه كأس المنون) و جرع الموت (فمرّة) كانت الدّوالة (لنا من عدوّنا و مرّة) اخرى كانت (لعدوّنا منّا فلمّا رأى
اللّه صدقنا) و علم استعدادنا و قابليّتنا بمشاهدة الصّبر
و الثبات الذي كان منّا (أنزل بعدوّنا الكبت) و الخذلان (و أنزل علينا النّصر) و التّأييد.
كما قال
سبحانه: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ
إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ
لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً
فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (حتّى) انتظم أمر
الدّين و استعاره بالكنايه- استعارهتخييليه- استعاره ترشيحيه (استقرّ
الاسلام ملقيا جرانه) تشبيه الاسلام بالبعير استعارة بالكناية و اثبات الجران
تخييل و ذكر الالقاء ترشيح و كذلك قوله (و متبوّء أوطانه) استعار لفظ
التبوّء و نسبه إلى الأوطان تشبيها له بمن كان من النّاس خائفا متزلزلا غير مستقرّ
ثمّ اطمأنّ و استقرّ في وطنه، و استعار لفظ الأوطان لقلوب المؤمنين و كنّى يتبوّء
أوطانه عن استقراره فيها ثمّ إنّه بعد ما مهّد المقدّمة التي أشرنا اليها رجع إلى
ما هو مقصوده الأصلي من سوق الكلام، و هو تنبيه الأصحاب على التّقصير و التفريط
فقال: (و لعمرى لو كنّا نأتي) مثل (ما أتيتم) يعنى لو
قصرنا في بدو الاسلام كتقصيركم اليوم تشبيه (ما قام للدّين
عمود و لا اخضرّ للايمان عود) الأوّل تشبيه للدّين بالبيت ذي العمود الذي
قوائمه عليه و لولاه لا نهدم و خرب و الثاني تشبيه للايمان بالشّجرة ذات الفروع و
الاغصان التي بهجتها و نضارتها بها استعاره (و أيم اللّه
لتحتلبنّها دما) قال البحراني استعار لفظ حلب الدّم لثمرة تقصيرهم و تخاذلهم عمّا
يدعوهم إليه من الجهاد، و لاحظ في تلك الاستعارة تشبيههم لتقصيرهم في أفعالهم