و ليحجبنّكم[1]
على بابه حتّى يأكل قويّكم ضعيفكم ثمّ لا يبعد اللّه إلّا من ظلم و لقلّ ما أدبر
شيء فأقبل و انّى لأظنكم على فترة و ما علىّ إلّا النّصح لكم.
يا أهل
الكوفة منيت منكم بثلاث و اثنتين صمّ و ذو أسماع، و بكم و ذو ألسن و عمى و ذو
أبصار لا إخوان صدق عند اللّقاء و لا إخوان ثقة عند البلاء.
اللّهمّ قد
مللتهم و ملّونى، و سئمتهم و سئموني، اللّهمّ لا ترض عنهم أميرا، و لا ترضيهم عن
أمير، و أمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء، أما و اللّه لو أجد بدّا من كلامكم و
مراسلتكم ما فعلت، و لقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة كلّ ذلك ترجعون
بالهزو من القول، فرارا من الحقّ، و الحادا إلى الباطل الذى لا يغر اللّه بأهله
الدّين.
و إنّى لأعلم
بكم أنكم لا تزيدوننى غير تخسير كلّما أمرتكم بجهاد عدوّكم اثّاقلتم إلى الأرض، و
سألتموني التّأخير دفاع ذي الدّين المطول، إن قلت لكم في القيظ: سيروا، قلتم:
الحرّ شديد، و إن قلت لكم في البرد: سيروا، قلتم: القرّ شديد، كلّ ذلك فرارا عن
الحرب، إذا كنتم من الحرّ و البرد تعجزون فأنتم من حرارة السّيف أعجز و أعجز، فانا
للّه و إنا إليه راجعون.
يا أهل
الكوفة قد أتانى الصّريح[2] يخبر في أنّ
ابن غامد قد نزل بالأنبار على اهلها ليلا في أربعة آلاف، فأغار عليهم كما يغار على
الرّوم و الخزر[3] فقتل بها
عاملى ابن حسان و قتل معه رجالا صالحين ذوى فضل و عبادة و نجدة، بوّء اللّه لهم
جنات النعيم و أنّه أباحها.
و لقد بلغنى
أنّ العصبة[4] من أهل
الشّام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة،
[2] الصريح في أكثر النسخ بالحاء المهملة و هو الرجل خالص النسب
و كل خالص صريح و الاظهر إنه بالخاء المعجمة كما في الارشاد اى المستغيث أو من
يطلب الاغاثة بحار.
[3] بضم الخا و الزاء المعجمة و الراء اخيرا طائفة من الامم.
[4] العصبة من الرجال ما بين العشرة الى الاربعين بحار.