أعزّ ما في الوجه، و كنّى بالضّرب لهما
عن قصده للمهمّ على سبيل الاستعارة أيضا، و كنّى بلفظ الظهر و البطن لظاهر هذا
الأمر و باطنه و وجوه الرّأى فيه و لفظ التقليب لتصفح تلك الوجوه و عرضها على
العقل واحدا واحدا.
ثمّ أشار إلى
ما تحصّل له بعد التّروي و التفكّر و التّقليب بقوله: (فلم أر فيه إلّا
القتال أو الكفر بما جاء) به (محمّد 6) و من
المعلوم أنّ الكفر في حقّه 7 محال فتعيّن القتال، و وجه انحصار الأمر
فيهما أنّه كان مأمورا من اللّه و من رسوله بقتال النّاكثين و القاسطين و
المارقين، فكان أمره دائرا بين المقاتلة و الجهاد امتثالا للأمر و التّرك و
المنابذة كفرا و عصيانا، و ربّما يسمّى ترك بعض الواجبات بالكفر حسبما مرّ تفصيلا
في شرح آخر فقرات الخطبة الاولى أعنى قوله: و من كفر فانّ اللّه غنيّ عن العالمين،
فتذكّر و يدلّ على كونه مأمورا بقتال هؤلاء ما رواه في البحار من أمالي الشّيخ
باسناده عن مجاهد عن ابن عبّاس قال لمّا نزلت:
يا
أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ^ قال النبيّ 6: لأجاهدنّ العمالقة يعني الكفّار و المنافقين، فأتاه جبرئيل قال:
أنت أو عليّ
و من الكافي باسناده عن الفضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عن أبيه 8
قال:
قال: بعث
اللّه محمّدا بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة، و سيف منها مكفوف، و سيف سله إلى
غيرنا ثمّ قال: و أمّا السّيف المكفوف فسيف على أهل البغى و التأويل، قال اللّه
تعالى:
وَ إِنْ
طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ
بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلى أَمْرِ اللَّهِ فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللّه 6 إنّ منكم من يقاتل بعدى على التّأويل كما قاتلت على التّنزيل فسئل النبيّ 6 من هو؟ فقال: خاصف النّعل يعني أمير المؤمنين