قال بعض المحقّقين[1]:
التّوءدة صفة نفسانية من فروع ملكة التّوسط و الاعتدال في القوّة الغضبيّة يعني
هيئة الوقار كما أنّ التّسرّع الذي هو ضدّها و هو الاشتياط من فروع الافراط فيها.
و توضيحه ما
قاله بعض[2] شرّاح
الكافي حيث قال: التوءدة تابعة للسّكون و الحلم الذين من أنواع الاعتدال في القوّة
الغضبيّة فانّ حصولها يتوقّف عليهما أمّا على السّكون فلأنّه عبارة عن نقل النّفس
و عدم خفّتها في الخصومات، و أمّا على الحلم فلأنّه عبارة عن الطمأنينة الحاصلة
للنّفس باعتبار ثقلها و عدم خفّتها بحيث لا يحرّكها الغضب بسرعة و سهولة، و إذا
حصلت للنّفس هاتان الصّفتان أمكن لها التّأنّي و التثبّت و عدم العجلة في البطش و
الضّرب و الشّتم إلى غير ذلك من أنواع المؤاخذة.
و كيف كان
فلمّا أجابهم بكون صلاح الامر في الاناة عقّبه بالأمر بملازمتها بقوله (فأرودوا) فانّ الرّفق
و المداراة الذين هما معنى الارواد لا زمان للتثبّت و الاناة، و لمّا كان ظاهر
كلامه مفيدا لكون الصّواب في الاناة مطلقا استدرك ذلك بقوله (و لا اكره لكم
الاعداد) قال الشّارح المعتزلي: و لا تناقض بينه و بين نهيه لهم سابقا عن
الاستعداد، لأنّه كره منهم إظهار الاستعداد و الجهر به و لم يكره الاعداد في السرّ
و على وجه الكتمان و الخفاء، و قال الشارح البحراني: إنّه 7 نبّه بذلك
على أنّه ينبغي لهم أن يكونوا على يقظة من هذا الامر حتّى يكونوا حال إشارته إليهم
قريبين من الاستعداد.
استعاره
بالكنايه و قال البحراني أيضا: إنّ قوله (و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه و
قلّبت ظهره و بطنه) استعارة على سبيل الكناية فانّه استعار لفظ العين و الانف
و الظهر و البطن التي حقايق في الحيوان، لحاله مع معاوية في أمر الخلافة و خلاف
أهل الشّام له، و كنّى بالعين و الأنف عن المهمّ من هذا الأمر و خالصه، فانّ العين
و الانف