دانيال كان غلاما يتيما لا أب له و لا
أمّ، و إنّ امرأة من بني إسرائيل عجوزا ضمّته إليها و ربّته و إن ملكا من ملوك من
بني إسرائيل كان له قاضيان و كان له صديق و كان رجلا صالحا و كان له امرأة جميلة و
كان يأتي الملك فيحدّثه فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض اموره، فقال للقاضيين:
اختارا لى رجلا ابعثه في بعض اموري، فقالا: فلان، فوجّهه ملك و كان القاضيان
يأتيان باب الصّديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما فقالا لها، إن لم
تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزّنا ليرجمك، فقالت: افعلا ما شئتما، فأتيا الملك
فشهدا عليها أنّها بغت و كان لها ذكر حسن جميل فدخل الملك من ذلك أمر عظيم و اشتدّ
غمّه و كان بها معجبا، فقال لهما: إنّ قولكما مقبول فاجلدوها ثلاثة أيّام ثمّ
ارجموها و نادى في مدينته: احضروا قتل فلانة العابدة فانّها قد بغت، و قد شهد عليها
القاضيان بذلك، فأكثر النّاس القول في ذلك فقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا
حيلة؟ فقال:
لا و اللّه
ما عندي في هذا شيء.
فلما كان
اليوم الثالث ركب الوزير و هو آخر أيّامها و إذا هو بغلمان عراة يلعبون و فيهم
دانيال، فقال دانيال: يا معشر الصّبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا
فلان العابدة و يكون فلان و فلان القاضيين الشّاهدين عليها، ثم جمع ترابا[1] و جعل سيفا من قصب ثمّ قال:
للغلمان خذوا بيد هذا فنحّوه إلى موضع كذا و الوزير واقف و خذوا هذا فنحّوه إلى
كذا ثمّ دعا بأحدهما فقال: قل حقّا فانك إن لم تقل حقّا قتلتك، قال: نعم و الوزير
يسمع فقال بم تشهد على هذه المرأة قال اشهد أنّها زنت قال في أيّ يوم قال: في يوم
كذا و كذا، قال في أيّ وقت؟ قال: في وقت كذا و كذا، قال: في أيّ موضع؟ قال: في
موضع كذا و كذا قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان، قال: فردّوه إلى مكانه و هاتوا
الآخر، فردّوه و جاءوا بالآخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول، فقال دانيال:
اللّه اكبر اللّه اكبر شهدا عليها بزور ثمّ نادى في الغلمان إنّ القاضيين شهدا على
فلانة العابدة بزور