المراد بالامّ التي قد فطمت ما كان
عادتهم في الجاهليّة من الحميّة و الغضب و إثارة الفتن، و بفطامها اندراسها
بالاسلام فيكون قوله: (و يحيون بدعة قد اميتت) كالتّفسير له.
استعاره
بالكنايه و قال الشّارح البحراني: استعار لفظ الأمّ [يرتضعون امّا قد
فطمت] للخلافة فبيت المال لبنها و المسلمون أولادها المرتضعون، و كنّى
بارتضاعهم لها عن طلبهم منه من الصّلات و التّفضيلات، مثل ما كان عثمان يصلهم به و
يفضل بعضهم على بعض و كونها قد فطمت عن منعه 7 و قوله: و يحيون
بدعة إشارة إلى ذلك التّفضيل، فانّه كان بخلاف سنّة رسول اللّه و البدعة
مقابلة السنّة، و إماتتها تركه 7 في ولايته ذلك (يا خيبة الدّاعي) احضري فهذا
أوان حضورك و الدّاعي هو أحد الثلاثة طلحة و الزّبير و عايشة، كما صرّح به الشّارح
المعتزلي أيضا.
ثمّ قال على
سبيل الاستصغار لهم و الاستحقار (من دعا) أى أحقر القوم دعاهم
هذا الدّاعي (و إلى ما اجيب) أى أقبح بالأمر الذي أجابوه إليه فما أفحشه و
أرذله (و إنّي لراض ب) قيام (حجّة اللّه عليهم) و هو أمره
سبحانه بقتال الفئة الباغية كما قال: فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي
حتّى تفيء إلى أمر اللّه (و) ب (علمه فيهم) بما يصنعون (فان
أبوا) عن طاعتي و امتنعوا من الملازمة على مبايعتي مع قيام هذه الحجّة من
اللّه سبحانه عليهم (أعطيتهم حدّ السّيف) القاطع امتثالا لأمر
اللّه سبحانه و ابتغاء لمرضات اللّه (و كفى به) أى بذلك السّيف
حالكونه (شافيا من الباطل و ناصرا للحقّ) هذا.
(و من
العجب) كلّ العجب (بعثتهم إليّ) مع علمهم بحالي في
الشّجاعة و الحرب و الصّبر على المكاره (بأن ابرز للّطعان و) تهديدهم
علىّ ب (أن اصبر للجلاد) ثكلتهم الثّواكل و (هبلتهم الهبول) كيف
يهدّدوني و يرهّبوني (لقد كنت و ما اهدّد بالحرب و) ما زلت (لا ارهب
بالضّرب) و ذلك (لأنّى على يقين من ربّي) و على بصيرة من
أمرى (و غير شبهة من ديني) فليس لمثلي أن يهدّد و يرهّب، لأنّ الموقن
بأنّه على الحقّ ناصر للّه ذابّ عن دين اللّه أشدّ صبرا و أقوى جلدا و أثبت قدما
في