و قد و خطكم القتير[1]،
و وافاكم النّذير، و أنتم عمّا يراد بكم لاهون، و بلذّة يومكم ساهون.
(فانّكم لو
عاينتم) بعين التعين الخالصة عن الشّوائب العارية عن الغطاء و الحواجب (ما قد
عاينه من مات منكم) قبلكم من غمرات الموت و سكراته؛ و أهوال القبر و ظلماته،
و عقوبات البرزخ و نقماته، و عذاب الآخرة و شدايدها (لجزعتم و وهلتم) و فزعتم لشدّة
تلك الأهوال و هول هذه الأحوال (و) ل (سمعتم) الواعية[2] (و أطعتم) الدّاعية
للملازمة البيّنة بين معاينة هذه الأمور بعين اليقين و بين الجزع و الفزع و
السّماع و الطاعة لربّ العالمين.
كما شهد به
الكتاب المكنون: إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (و لكن) نى اعتذر
منكم بلسان حالكم بأنّه (محجوب عنكم ما قد عاينو) ه مستور عنكم ما قد
شهدوه، و لذلك ذهلتم و غفلتم و رغبتم في الدّنيا و ألهتكم لذّاتها، و شغلتكم
شهواتها ألا إنّ هذا العذر غير مقبول، و ذلك الاعتذار غير نافع (و) ذلك لأنّه (قريب ما
يطرح الحجاب) حين ما حلّ بك الموت و واراك التّراب و شهد عليك الرّقيب و العتيد،
فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد.
(و) اللّه (لقد
بصّرتم) و صيّرتم مبصّرين (إن ابصرتم) و نظرتم بعيون ناظرة (و
اسمعتم) و صيرتم سامعين (إن سمعتم) و وعيتم بأذن واعية (و هديتم
إن اهتديتم) بعقول كاملة و قلوب صافية (بحقّ أقول لقد جاهرتكم العبر) و عالتكم
الانباء و الأثر بالمصائب النّازلة على الامم الماضية، و العقوبات الواقعة في
القرون الخالية، و ما حلّ بأهل القبور سطورا بافناء الدّور، ألا ترونهم كيف تدانوا
في خططهم، و قربوا في مزارهم و بعدوا في لقائهم، عمروا فخربوا، و آنسوا فأوحشوا، و
سكتوا فازعجوا،
[1] القتير الشيب و الوخط بالخاء يقال و خظه القتير اى خالطه
الشيب منه.
[2] الواعية وزان كاملة الصراخ و النداء بصوت عال و كذلك الداعية
و النبي داعى اللّه لانه يدعوا لناس الى الحق، منه.