و يستحلّ بقضائه الفرج الحرام و يحرم
بقضائه الفرج الحلال، كما في رواية الكافي الآتية و نسبة الصّراخ إلى الدّماء و
العجيج إلى المواريث إمّا من قبيل الحذف و الايصال، أى تصرخ أولياء الدّماء و تعجّ
مستحقّوا المواريث، أو من قبيل المجاز في الاسناد على نحو صام نهاره مبالغة على
سبيل التّمثيل و التّخييل بتشبيه الدّماء و المواريث بالانسان الباكي من جهة الظلم
و الجور و إثبات الصّراخ و العجيج لهما، أو من قبيل الاستعارة التحقيقيّة التبعيّة
باستعارة لفظ الصّراخ و العجيج لنطق الدّماء و المواريث بلسان حالها المفصح عن
مقالها، و وجه المشابهة أنّ الصّراخ و العجّ لما كانا يصدران من ظلم و جور و كانت
الدّماء المهراقة و المواريث المستباحة بالأحكام الباطلة ناطقة بلسان حالها مفصحة
بالتظلم و الشّكاية، لا جرم حسن تشبيه نطقها بالصّراخ و العجّ و استعارتهما له،
فالمعنى أنّه تنطق الدّماء و المواريث بالشّكاية و التظلّم من جور قضاياه و
أحكامه.
و أمّا
استحلال الفرج الحرام بقضائه و تحريم الفرج الحلال فامّا من أجل جهله بالحكم أو
لخطائه و سهوه في موضع الحكم لعدم مراعاة الاحتياط أو لوقوع ذلك منه عمدا لغرض
دنيوي كالتقرّب بالجاير أو أخذ الرّشوة أو نحو ذلك.
ثمّ انّه
7 بعد أن خصّ الرجلين المذكورين بما ذكر فيهما من الاوصاف المنفرة على
سبيل التفصيل، أردف ذلك بالتنفير عنهما على الاجمال بما يعمّهما و غيرهما من ساير
الجهال و الضلال فقال: (إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا و يموتون
ضلّالا) و الثّاني مسبّب عن الأوّل إذ العيش على الجهالة يؤدّي إلى الموت
على الضّلالة (ليس فيهم سلعة) و متاع (أبور من الكتاب
إذا تلى حقّ تلاوته) يعني إذا فسّر الكتاب و حمل على الوجه الذي انزل عليه و
على المعنى الذي اريد منه اعتقدوه فاسدا و طرحوه لمنافاة ذلك الوجه و المعنى
لأغراضهم (و لا سلعة أنفق بيعا) اى أكثر رواجا (و لا أغلى ثمنا
إذا حرّف عن مواضعه) و مقاصده الأصليّة و نزل على حسب أغراضهم و مقاصدهم و
منشأ كلّ ذلك و أصله هو الجهل (و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من
المنكر) و ذلك لأنّ المعروف لما خالف أغراضهم و مقاصدهم طرحوه