و النّهار و أنّه كثير الرّكوب على
الامور الملتبسة المظلمة، قال الشّارح البحرانيّ ره و هي إشارة إلى أنّه لا يستنتج
نور الحقّ في ظلمات الشّبهات الّا على ضعف و نقصان في نور بصيرته، فهو يمشي فيها
على ما يتخيّله دون ما يتحقّقه من الصّفة هذه، أى و كثيرا ما يكون حاله كذلك و
لمّا كان من شأن العاشي إلى الضّوء في الطرق المظلمة تارة يلوح له فيمشي عليه و
تارة يخفى عنه فيضلّ عن القصد و يمشي على الوهم و الخيال كذلك حال السّالك في طرق
الدّين من غير أن يستكمل نور بصيرته بقواعد الدّين و يعلم كيفيّة سلوك طرقه، فانّه
تارة يكون نور الحقّ في المسألة ظاهرا فيدركه و تارة يغلب عليه ظلمات الشّبهات
فتعمى عليه الموارد و المصادر فيبقى في الظلمة خابطا و عن القصد جائرا.
الرّابع عشر
أنّه كنايه (لم يعضّ على العلم بضرس قاطع) و هو كناية عن عدم
نفاذ بصيرته في العلوم و عدم اتقانه للقوانين الشّرعية لينتفع بها انتفاعا تامّا،
يقال فلان لم يعضّ على العلم بضرس قاطع إذا لم يحكمها و لم يتقنها، و أصله أن
الانسان يمضغ الطعام الذي هو غذاؤه ثمّ لا يجيّد مضغه لينتفع به البدن انتفاعا
تامّا فمثل به من لم يحكم و لم يتقن ما يدخل فيه من المعقولات التي هو غذاء الرّوح
لينتفع به الرّوح انتفاعا كاملا.
الخامس عشر
أنّه تشبيه (يذرى الرّوايات إذراء الرّيح الهشيم) اليابس من النّبات
المنكسر و فيه تشبيه تمثيلي و وجه الشّبه صدور فعل بلا رويّة من غير أن يعود إلى
الفاعل نفع و فائدة، فانّ هذا الرّجل المتصفّح للرّوايات ليس له بصيرة بها و لا
شعور بوجه العمل عليها بل هو يمرّ على رواية بعد اخرى و يمشى عليها من غير فائدة،
كما أنّ الرّيح التي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها و لا يعود إليها من ذلك نفع.
السّادس عشر
أنّه (لامليء و اللّه باصدار ما ورد عليه) أى ليس له من العلم
و الثّقة قدر ما يمكنه أن يصدر عنه انحلال ما ورد عليه من الشّبهات و الاشكالات.
السّابع عشر
ما في بعض نسخ الكتاب من قوله: (و لا هو أهل لما فوّض إليه) أى ليس هو
بأهل لما فوّضه إليه النّاس من امور دينهم، و أكثر النسخ خال من