الثّاني ما أشار إليه بقوله: (عضّ على ناجذك) فانّ عضّ النّواجذ ينبو
السّيف عن الدّماغ من حيث إنّ عظام الرّأس تشتدّ و تصلب عند ذلك كما قال 7 في موضع آخر: و عضّوا على النّواجذ، فانّه أنبأ للصّوارم عن الهام مضافا
إلى ما في عضّها من ربط الجاش[1] عن الفشل و الخوف كما يشاهد
في حال البرد و الخوف الموجب للرّعدة فانّه إذا عضّ على أضراسه تسكن رعدته و
يتماسك الانسان بدنه.
الثالث ما
أشار إليه بقوله: (أعر اللّه جمجمتك) و المراد به بذلها في طاعة اللّه لينتفع بها
في دين اللّه كما ينتفع المستعير بالعارية، قال الشّارح المعتزلي: و يمكن أن يقال
إنّ ذلك إشعار بانّه لا يقتل في تلك الحرب لأنّ العارية مردودة و لو قال له: بع
اللّه جمجمتك لكان ذلك إشعارا له بالشّهادة فيها.
الرّابع ما
أشار إليه بقوله: (تد في الأرض قدمك) و هو أمر بالزام قدمه في الأرض كالوتد
لاستلزامه ربط الجاش و استصحاب العزم و كونه مظنّة الشّجاعة.
الخامس ما
أشار إليه بقوله: (ارم ببصرك أقصى القوم) و هو الأمر بفتح عينيه و رفع طرفه و
مدّ نظره إلى أقاصي القوم ليعلم على ما ذا يقدم فعل الشّجاع المقدام غير المبالي
لأنّ الجبان تضعف نفسه و يضطرب قلبه فيكون غضيض الطرف ناكس الرأس لا يرتفع طرفه و
لا يمتدّ عنقه.
السّادس ما
أشار إليه بقوله: (و غضّ بصرك) و هو أمر بغضّ بصره بعد مدّه عن بريق سيوفهم
و لمعان دروعهم، لأنّ مدّ النّظر إلى بريق السّيوف مظنّة الرّهبة و الدّهشة، ثمّ
إنّه 7 بعد تعليمه آداب المحاربة و المقاتلة قال له: (و اعلم
أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه) ليتأكد ثباته بوتوقه باللّه سبحانه مع ملاحظة
قوله تعالى:
[1] الجاش رواغ القلب اذا اضطرب عند الفزع و نفس الانسان ق.