اعلم أنّه
7 أشار في هذه الخطبة إلى ذمّ المنابذين و المخالفين له و المتمرّدين
عن طاعته فقال: (اتّخذوا الشّيطان لأمرهم ملاكا) أى به قوام امورهم و
نظام حالهم فجعلوه وليا لهم سلطانا عليهم متصرّفا فيهم بالأمر و النّهي كما قال
سبحانه:
اتَّخَذُوا
الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ و قال تعالى: إِنَّا
جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ أي حكمنا
بذلك لأنّهم يتناصرون على الباطل يؤمنون به و يتولّون الشّيطان و يشركون بالرّحمن
كما قال تعالى:
إِنَّما
سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (و
اتّخذهم له أشراكا) يعني أنّهم بعد ما ملكوا الشّيطان امورهم فتصرّف فيهم بأن
أخذهم شركاء له و جعلهم جنوده و أتباعه كما قال تعالى:
اسْتَحْوَذَ
عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ
أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ استعاره و أمّا على
جعل الاشراك [اشراكا] جمعا لشرك فقد قال الشّارح البحراني أنّه استعارة حسنة،
فإنّه لمّا كان فايدة الشّرك اصطياد ما يراد صيده و كان هؤلاء القوم بحسب ملك
الشّيطان لآرائهم و تصرّفه فيهم على حسب حكمه أسبابا لدعوة الخلق إلى مخالفة الحقّ
و منابذة إمام الوقت و خليفة اللّه في أرضه اشبهوا الأشراك لاصطيادهم الخلق بألسنتهم
و أموالهم و جذبهم إلى الباطل بالأسباب الباطلة التي ألقاها إليهم الشّيطان و نطق
بها على ألسنتهم فاستعار لهم لفظ الاشراك.
ثمّ أشار
7 إلى ملازمة الشّيطان لهم بقوله استعاره بالكنايه (فباض و
فرخ في صدورهم) كالطاير الذي يبيض و يفرخ و ذلك لا يكون إلّا بعد طول الملازمة و
الاقامة، فشبّه