درجة إلى درجة عليا، فمهما لم يتحصّل
للانسان فطنة
بصيرة وقّادة لا يتبيّن له الحكمة و
لا يقدر أن يقدر الموازين الصحيحة للحقائق و الدلالة على حصول هذه الدرجة هو العبرة و التأثر عن أحوال الماضين، فقوّة
الايمان و ضعفه يدور مدار قوّة العقل و ضعفه، فقد ورد في باب العقل و الجهل أخبار
كثيرة في ذلك نذكر شطرا منها:
1- سيف بن
عميرة عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد اللَّه 7: من كان عاقلا كان
له دين، و من كان له دين دخل الجنّة.
2- عن محمّد
بن سليمان الديلمى، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللَّه 7:
فلان من
عبادته و دينه و فضله كذا، فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدرى، فقال: إنّ الثواب على
قدر العقل، إنّ رجلا من بنى إسرائيل كان يعبد اللَّه في جزيرة من جزائر البحر
خضراء نضرة كثيرة الشجر ظاهرة الماء، و أنّ ملكا من الملائكة مرّ به فقال: يا ربّ
أرني ثواب عبدك هذا، فأراه اللَّه ذلك فاستقلّه الملك، فأوحى اللَّه إليه أن
اصحبه، فأتاه الملك في صورة إنسيّ فقال له: من أنت؟ قال: أنا رجل عابد بلغنى مكانك
و عبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد اللَّه معك، فكان معه يومه ذلك فلما أصبح قال
له الملك: إنّ مكانك لنزه و ما يصلح إلّا للعبادة، فقال له العابد:
لمكاننا هذا
عيب، فقال له: و ما هو؟ قال: ليس لربنا بهيمة فلو كان له حمار لرعيناه في هذا
الموضع فانّ هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: ليس لربك حمار، فقال: لو كان له حمار
ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى اللَّه إلى الملك إنما اثيبه على قدر عقله.
كما أنّ العدل
يحتاج إلى فهم القوانين الصحيحة و الاحاطة بحقائقها مقرونا بحسن إجرائها
و الدّفة في تطبيقها على مواردها، فلا بدّ من فهم غوّاص و علم غوار
للحقائق و احكام قضائية زاهرة صريحة، و حلم ثابت في مقام
إجرائها بين الخليقة، و قد أشار 7 إلى شخصية قاض عادل و حاكم ربانىّ
بأنه لا يقصّر في اموره و يعيش بين النّاس محمود الخصائل و
الفضائل، و نذكر هنا أخبارا في