أيّها النّاس، اتّقوا اللَّه فما خلق
امرؤ عبثا فيلهو و لا ترك سدى فيلغو، و ما دنياه الّتي تحسّنت له بخلف من الاخرة
الّتي قبّحها سوء النّظر عنده، و ما المغرور الّذي ظفر من الدّنيا بأعلى همّته
كالاخر الّذي ظفر من الاخرة بأدنى سهمته.
اللغة
(السدى):
المهمل، (السهمة): النصيب.
الاعراب
عبثا و سدى
مفعولا له لما قبلهما من الفعل.
المعنى
اللّهو صفة
للقلب و هو صرفه عن الخالق بالتوجّه إلى مظاهر فتانة في الخلق و اللّغو صفة للعمل
باعتبار أنّه غير مفيد للدّنيا و لا للاخرة، فيقول 7: لم يخلق المرء عبثا بلا غاية
عالية لوجوده لا تحصل إلّا بذكر اللَّه و طاعته كما قال تعالى:
و لو خلق
عبثا يصحّ له اللّهو و الانصراف عن ذكر اللَّه، و لم يترك سدى يختار لنفسه
ما يشاء من عمل، بل أرسل إليه الرّسل و أنزل الكتب الإلهيّة و القرآن الشريف
دستورا لأعماله و أقواله فلا يجوز له التعدّي عنه و العمل بما لا يفيد له فانّ
الدّنيا على أحسن ألوانها الّذي يرضى به الانسان لنفسه لا تصير عوضا عن الاخرة الّتي
يقبحها سوء نظره إليها، و من ظفر بالدّنيا بأعلى همّته- و إن لا
يظفر بها أحد كما يريد- لا تساوى أدنى سهم من الاخرة.
قال الشارح
المعتزلي: و في قوله 7 (الّتي قبّحها سوء النّظر) تصريح بمذهب
أصحابنا أهل العدل رحمهم اللَّه، و هو أنّ الانسان هو الّذي أضلّ نفسه لسوء نظره و
لو كان اللَّه هو الّذي أضلّه لما قال: قبّحها سوء النظر عنده.