خراب من الهدى، سكّانها و عمّارها شرّ
أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة، و إليهم تأوى الخطيئة، يردّون من شذّ عنها فيها، و
يسوقون من تأخّر عنها إليها، يقول اللَّه سبحانه: فبي حلفت لأبعثنّ على أولئك فتنة
أترك الحكيم [تترك الحليم] فيها حيران، و قد فعل، و نحن نستقيل اللَّه عثرة
الغفلة.
المعنى
قال ابن
ميثم: رسم القرآن أثره و هو تلاوته.
أقول: الظاهر
أنّ المراد من رسم القرآن خطوطه و نقوشه، فانه المفهوم من رسم الخطّ و رسم المصحف
فانّه قلّ في زماننا هذا تلاوة القرآن و كثر طبعه و نشره و هل يشمل كلامه 7 لزمانه أم هو إخبار عمّا بعده، ظاهر كلام الشارح المعتزلي ذلك اعتمادا على
قوله 7 (و قد فعل) قال: و ينبغي أن يكون قد قال هذا الكلام أيّام
خلافته، لأنها كانت أيام السيف المسلّط على أهل الضلال من المسلمين و كذلك ما بعثه
اللَّه تعالى على بني اميّة و أتباعهم من سيوف بني هاشم بعد انتقاله 7
أقول: تاويله هذا مبنيّ على تفسيره الفتنة في قوله (على اولئك فتنة) بالاستيصال
و السيف الحاصد، و فيه تأمّل كما أنّ حمل الاناس المذمومين على من سلّط عليهم
السيف مورد تأمّل.
و لا بدّ
حينئذ من حمل قوله: يأتي على معنى الحال، فلا يشمل كلامه ما بعد زمانه
إلّا على جواز استعمال الفعل المضارع في الزمان الشامل للحال و الاستقبال معا، و
هو خلاف ظاهر كلام النحويّين و مورد إشكال و خلاف ظاهر كلامه.
و الظاهر أنّ
المقصود من قوله 7: (و قد فعل) أنّه فعل الحلف أو
تأكيد على إنجاز هذا الوعيد في موعده، فانّ الوعيد غير لازم الانجاز، بخلاف الوعد.