فقال 7: كما يرزقهم على
كثرتهم، فقيل: كيف يحاسبهم و لا يرونه؟
فقال 7: كما يرزقهم و لا يرونه.
المعنى
محاسبة اللَّه خلقه كرزقه
إيّاهم من فعل اللَّه العامّ التامّ الّذي لا يدرك العقل كنهه و لا يحيط به الانسان
علما مثل إبداع اللَّه لوجود العالم، و خلقه لبني آدم، فطرح هذه المسائل ربما كان
من أهل النفاق المتعنتين الّذين ابتلى بهم أمير المؤمنين 7 فكان جوابه
إفحاما لهم و إقناعا للعامّة و للحاضرين في محضر السؤال.
قال الشارح
المعتزلي: هذا جواب صحيح لأنّه تعالى لا يرزقهم على الترتيب أعنى واحدا بعد واحد،
و إنما يرزقهم جميعا دفعة واحدة، و كذلك تكون محاسبتهم يوم القيامة- إلى أن قال:
فان قلت: فقد
ورد أنهم يمكثون في الحساب ألف سنة و قيل أكثر من ذلك فكيف يجمع بين ما ورد في
الخبر و بين قولكم «إنّ حسابهم يكون ضربة واحدة» و لا ريب أنّ الأخبار تدلّ على
أنّ الحساب يكون لواحد بعد واحد.
قلت: إنّ
أخبار الاحاد لا يعمل عليها، لا سيّما الأخبار الواردة في حديث الحساب و النار و
الجنّة، فانّ المحدّثين طعنوا في أكثرها، و قالوا: إنها موضوعة- إلخ.
أقول: يرد
عليه ما يلي:
1- لا يدلّ
كلامه 7 على أنّ الحساب لجميع الخلائق يقع دفعة واحدة كما أنّ رزق
اللَّه لهم لا يقع دفعة واحدة، فانّ الخلق و الرزق أمر تدريجي من بدو خلق آدم إلى
فناء آخر امّة من بني آدم، يقدّر مدّته بمائة ألف سنة، و اللَّه بحقيقتها أعلم و
الخلائق كلّهم مجموعون ليوم الدّين فان كان حسابهم كرزقهم فلا بدّ و أن يقع
المحاسبة بمقدار طول مدّة الرزق، و هو مقدار عمر بقاء البشر في الدّنيا.
2- أنّ مدّة
يوم القيامة قدّرت بخمسين ألف سنة في قوله تعالى: تَعْرُجُ
الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ
سَنَةٍ- 4- المعارج».