(264) و
قال 7: إنّ الطّمع مورد غير مصدر، و ضامن غير وفيّ، و ربّما شرق شارب
الماء قبل ريّه، و كلّما عظم قدر الشّيء المتنافس فيه عظمت الرّزيّة لفقده، و
الأمانيّ تعمي أعين البصائر و الحظ يأتي من لا يأتيه.
المعنى
قد تعرّض
7 في هذه الحكمة لبيان الطمع و وصفه و ما يترتب
عليه، و قد وصفه 7 بأنّه تكسب على غير اصول المعاملة العقلائية الّتي
تبني عليها الاقتصاد و يصحّ للاعتماد في معيشة تضمن السلامة و الشرافة، فانّ
المعاملة الحائزة لهذه الشرائط أخذ و ردّ و تعاوض مضمون مع أجل مسمّى و معلوم،
فانّ الشرائط العامّة للمعاملات المتداولة هي متاع معلوم و عوض معلوم و أجل مسمّى.
أمّا الطّمع فهو توقّع نفع عن الغير بلا عوض، فهو من الموردات فقط، و
ليس بمصدر، يعنى الواردات بالطمع على يد الطامع لا يقابله العوض
الصادر عنه ليكون بدلا له، فهو يشبه الأكل بالباطل و لا ضمان في وصول ما يطمع فيه
بل معلّق على إرادة الغير إن شاء أعطى و إن شاء منع، و ليس وقت معيّن لوصوله،
فيمكن أن يدرك الطامع المنيّة قبل نيله ما يطمع، و أشار إلى ذلك بقوله 7 (و ربّما شرق شارب الماء قبل ريّه). ثمّ أشار 7 إلى ما يترتّب على الطّمع من المفاسد و المضارّ الروحيّة:
1- أنّه إذا
طمع في شيء فبقدر ما كان عظيما في عينه و مهمّا في نظره يعرضه الرزيّة و الحزن عند فقده و عدم وصوله
إليه، فالطامع دائما في معرض حزن و رزيّة لعدم حصول ما طمع فيه.