استعاره
(و الاداب حلل مجدّدة) الأدب لفظة يشعر بالنظم و الترتيب، و
منه مأدبة لسفرة الغذاء، لأنّه يراعى فيه النظم و الأدب رعاية القوانين المقرّرة
في الشرع و تنظيم الوظائف الدّينيّة و رعاية القوانين المقرّرة في المعاشرة و
المعاملة مع الناس فرعاية الأدب التحلّي بأعمال و أقوال تجاه الخالق أو الخلق.
و حيث إنّ
الانسان دائما مسئول من فعله و قوله أمام الخالق و المخلوق و لا بدّ له من رعاية
وظائفه حينا بعد حين فكأنه برعاية الاداب يجدّد حلية جماله المعنوي، و يلبس حللا و
يبدلها باخرى، و هذا من أحسن التعبيرات و الاستعارات.
و قد ذكر
صاحب الشرح في ذيل هذه الجملة قصّة لنا عليها نكتة و تعليق نذكرها بنصّها ثمّ
نردفها بهذه النكتة و نعلّق عليها و هذا نصّها (في ص 96 ج 18 ط مصر- عيسى البابي
الحلبي). و أنشد منشد بحضرة الواثق هارون بن المعتصم:
أ ظلوم أنّ مصابكم رجلا
أهدى السلام تحيّة ظلم
فقال شخص:
رجل هو خبر «انّ» و وافقه على ذلك قوم و خالفه آخرون فقال الواثق: من بقي من علماء
النحويّين؟ قالوا: أبو عثمان المازني بالبصرة فأمر باشخاصه إلى سرّ من رأى بعد
ازاحة علّته، قال أبو عثمان: فاشخصت، فلمّا ادخلت عليه قال: ممّن الرّجل؟ قلت: من
مازن، قال: من مازن تميم، أم من مازن ربيعة، أم من مازن قيس، أم مازن اليمن؟ قلت:
من مازن ربيعة، قال:
باسمك؟-
بالباء- يريد «ما اسمك؟» لأنّ لغة مازن ربيعة هكذا يبدلون الميم باء و الباء ميما،
فقلت: مكر أي «بكر» فضحك و قال: اجلس و اطمئنّ، فجلست فسألني عن البيت فأنشدته
منصوبا، فقال: فأين خبر «انّ»؟ فقلت «ظلم» قال:
كيف هذا؟
قلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى أنّ البيت إن لم يجعل «ظلم» خبر «انّ» يكون مقطوع
المعنى معدوم الفائدة، فلما كرّرت القول عليه فهم، و قال:
قبح اللَّه
من لا أدب له ثمّ قال: ألك ولد؟ قلت: بنيّة، قال: فما قالت لك حين ودّعتها؟ قلت:
ما قالت بنت الأعشى: